سهوب بغدادي
البطالة شبح مصطلح يتعدى وقعه تعريف الكلمة وشرحها، لما لها من تداعيات وتأثيرات على الفرد والأسرة المتعلقة به والمجتمع والدولة ككل كمحصلة نهائية. فيما تسببت الأزمة العالمية عند تفشي فيروس كورونا المستجد بتداعيات على اقتصادات دول عديدة وكان من أبرزها الولايات المتحدة حيث أفاد مكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل مؤخراً بتغيير في سوق العمل الأميركي، واستمرت الجائحة في جعل القطاعات الحيوية في تقهقر مستمر في مجالات كثيرة من أهمها قطاع الضيافة والترفيه، مع خدمات الرعاية الصحية.
والخدمة الاجتماعية وتجارة التجزئة والتصنيع، كما انخفضت نسب العمالة الأجنبية في عدد من القطاعات كالتعليم والبناء والتعدين. لذا تبرز لنا أهمية إيجاد الوسيلة الناجعة للتعافي من تداعيات الجائحة العالمية وطرح أكثر من طريقة مع عامل التجربة والتحقق المتابعة المستمرة لهذا الملف وغيره من القضايا البارزة في المجتمعات في وقتنا الراهن. من هنا، لفتني خلال الفترة الماضية تواتر الشكاوى والمطالبات من خلال الهاشتاقات على منصة تويتر لوزير الموارد البشرية بإيجاد حل للبطالة، فيما يعد ملف البطالة أمر متشعب وغير قابل للتلاشي في طرفة عين باعتبار تشعب جذوره الأساسية منذ سنين مضت، إلا أن العمل الدؤوب والممنهج ضمن مدة زمنية محددة وصارمة قد يكون جزءا بسيطا و مبدئيا للحل، وإنه لمن المتعارف أن أي قطاع قابل للتحسين والتطوير المستمرين، فلا يوجد موطن مثالي حتى في الدول التي تحافظ على معدلات منخفضة من البطالة وغيرها من الأمور، فمن الأفضل إيجاد وسيلة تواصل رسمية متخصصة بين الأفراد والجهات المعنية، حيث تنتشر في المملكة البطالة المتخصصة في مجموعة من التخصصات على سبيل المثال لا الحصر الإدارة الصحية وطب الأسنان وما إلى ذلك. وفق ما نراه بشكل دوري ومتكرر في الهاشتاقات الداعمة لذلك. فليس الحل في إطلاق الهاشتاق، إنما في فن الشكوى أو الشكوى بفن، من خلال تقنين المطالب وإلقاء الضوء على أصل وحجم المشكلة بالأرقام والأدلة والبيانات، وأرى أن إيجاد جهات حاضنة لكل خريج متخصص في شتى المجالات أمر جيد مبدئيا للمطالبة بشكل رسمي وفعال ومتابعة سير الأمر من خلال الجهة الحاضنة، وقد يعرف هذا المفهوم بالنقابة أو النقابات المتخصصة، فعلى سبيل المثال إيجاد نقابة لأطباء الأسنان يعمل على نقل آراء المتخصصين وأبرز الصعوبات والتحديات التي يواجهها الطبيب خلال عمله أو تعطله عن العمل، فيتم نقاش الإشكاليات فيما بينهم في الأوساط المتخصصة والمعنية فضلا عن طرحها للعالم الخارجي والكيانات المعنية الأكبر بشكل رسمي ولائق من خلال ممثل يتوجه بكل ما سبق للجهة الفاعلة، عوضا عن الهاشتاقات العائمة في فضاء تويتر دون رجعة.
كلمة أخيرة، ليس ملف البطالة بالأمر الهين وفليس من العادل فيه بشكل خاص أن نقارن بين بلد ما بآخر من ناحية المعدلات ونسب البطالة والديموغرافية باعتبار اختلاف المساحة الجغرافية وتاريخ الدولة واقتصادها وسياساتها وما إلى ذلك من المعطيات والمعايير التي تشكل واقعها الحالي، فالبطالة وغيرها من الملفات المثار عنها اللغط، تأتت نتيجة عمق مختلف ممتد لفترة طويلة من الزمان، فلن يكون الحل لحظيا أو فجائيا تباعاً.
نحن نؤمن بأن لكل مشكلة حلاً أو عدداً من الحلول، لكن البعض قد يفضل الحلول السريعة والقصيرة الأجل على تلك الجذرية بعيدة المدى.