في نوفمبر 2019 كتبت مقالاً تناولت فيه دور المهرجانات الثقافية في تعزيز الهوية الوطنية، والذي يهدف إلى أن يكون لهذه المهرجانات دور بارز في التعريف بالهوية الثقافية للوطن، ولم يكن كأس السعودية لسباقات الخيل المقام في 29 فبراير 2021 - الذي يعتبر الأغلى على مستوى العالم، حيث بلغت جوائزه 30.5 مليون دولار، وكان لبطل السعودية الحصان مشرف اليد الطولى في كسب شوط السباق- إلا شاهداً حقيقياً على الدور المهم لمثل هذه المهرجانات في إبراز وتعزيز حضور هوية الوطن الثقافية. قبل بدء انطلاق الإعداد للتجهيز لهذا الحدث الرياضي التراثي الدولي، صدرت توجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد بأن يكون الدخول إلى موقع المهرجان بارتداء الزي الوطني السعودي التراثي للجنسين، مما أضفى حدثاً آخر إلى الحدث الرئيس، وظهرت الملابس التراثية التي تنتمي إلى مختلف مناطق المملكة للجنسين، إلا أن حضور الثوب النسائي السعودي كان محل أنظار الجميع، ونقلت وسائل الإعلام بمختلف أنواعها الحضور الجميل للزي السعودي التراثي، الذي عرّف العالم بجزء مهم من الموروث الثقافي السعودي المتنوّع وفق جهات الوطن.
لم يكن الحضور التراثي لهذه الأزياء غريباً بشكل كامل، إلا أنه نادر ويجهله الكثير من أبناء الوطن ولا يعرفونه إلا من خلال صور أو عرض في قاعات أو متاحف، فكيف بالطرف الآخر، ولكن المهرجان وضع الهدف الأسمى في استثمار هذه الفعاليات لتقديم الهوية الثقافية الوطنية والتعريف بها عن طريق الممارسة الفعلية. كانت تظهر بعض وصلات من القطع التراثية التي تزيّن بعض الملابس النسائية كإضافات جمالية أعطت رسالة إلى الارتباط العاطفي بين المواطن وتراثه، إلاّ أن ما حدث في المهرجان مؤخراً زاد من رغبة ارتداء الملابس التراثية النسائية، وظهرت العديد من منافذ البيع عبر الإنترنت التي تسوّق إلى هذه الملابس، كذلك أصحاب المهنة في التصاميم وصناعة الأزياء، وشهدت هذه الصناعة ارتفاعًا في المنتج، وتطوير التزيين مع الاحتفاظ بالأصل رغبة في توسيع رواجه ومعايشته للواقع بروح التراث، وهنا لم يُشِرْ المقال إلى مسمّى الملابس التقليدية في حين كان الحديث باسم الملابس التراثية، لأن شمولية مسمّى الملابس التراثية أعمق وأبعد من لفظ تقليدي.
فشكراً لصاحب السمو الملكي ولي العهد الداعم لإحياء التراث، والشكر لكل من ساهم في ظهور الأصول الثقافية وإعادتها إلى المناسبات العالمية.
** **
- مرضي الخمعلي