إبراهيم بن سعد الماجد
ليس بالجديد معرفة تاريخ الدولة السعودية، التي تجاوز عمرها ثلاثة قرون، بل إننا إن أردنا كامل الحقيقة فإن البذرة الأولى لهذه الدولة كانت منذ أواسط القرن الخامس عشر الميلادي، عندما تأسست بلدة الدرعية على يدي ربيعة بن مانع المريدي، فكانت بداية إمارة الدرعية التي تواصلت حتى قيام الدولة السعودية الأولى.
* تأسيس الدولة السعودية الأولى
عندما سار الشيخ محمد بن عبدالوهاب من العيينة إلى الدرعية استقر به المقام في بيت أحد تلاميذه من أسرة آل سويلم، وعندما علم الأمير محمد بن سعود بوصول الشيخ إلى الدرعية اتجه إلى منزل ابن سويلم والتقى بالشيخ الذي وضّح له مبادئ الدعوة وأهدافها، التي كان لها أثر في نفس الأمير محمد بن سعود وتبايع الاثنان على نصرة الدين: الشيخ بعلمه، والأمير بسلطته.
وكان هذا اللقاء أو ما يعرف باتفاق الدرعية 1157هـ/ 1744م، بداية قيام الدولة السعودية الأولى.
بعد ذلك ازداد أتباع الدعوة والتلاميذ الذين اجتمعوا حول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الدرعية.
* بداية انتشار الدعوة ومد نفوذ الدولة
لم تكن الدولة مع بدايتها ذات مساحة تسمح لها بأن تتجه في نفوذها خارج نجد، وخصوصاً أن نجداً احتاجت إلى سنوات عدة كي تكون تحت سيادة الدولة السعودية الأولى بكاملها.
وأول صراع بين الدولة وخصومها كان مع أمير الرياض دهام بن دواس، وكان سبب الصراع هو أن أهالي منفوحة كانوا من الموالين للدعوة والدولة، وقد اعتدى أمير الرياض على منفوحة مما جعل الإمام محمد بن سعود يتحرك دفاعاً عن منفوحة ضد دهام بن دواس، ومن هنا كانت البداية لتوحيد نجد.
* مراحل توحيد البلاد في عهد الدولة السعودية الأولى
أولاً: توحيد نجد:
يُقسّم المؤرخون توحيد نجد إلى ثلاث مراحل، ذلك لأن توحيدها استمر حوالي (40) سنة ويعود طول مدة توحيدها إلى ما تأصل في نفوس أمراء المناطق وزعماء القبائل من نزعة استقلالية، ولم يدركوا أنه لا بد لهم من وحدة، وفي مرحلة توحيد نجد واجهت الدولة مشكلات، من أهمها دهام بن دواس، فكانت بداية العمل لتوحيد نجد سنة 1159هـ/ 1746م، حيث دخلت الدولة في صراع مع خصومها، وأبرز خصومها في نجد أمير الرياض الذي كان يضيق ذرعاً بتوسع نفوذ الدولة السعودية الأولى في نجد، فكان دائم التحرش بمنفوحة الموالية للدولة، لذلك يقدر عدد المواجهات بين الدولة ودهام بن دواس بحوالي (17) موقعة، وطبيعة المواجهات كانت متأرجحة، فعندما يرى دهام أنه على وشك النهاية يلجأ إلى طلب الصلح، وإن أحس بقوة سعى إلى المواجهة، هذا ما أدى إلى استمرار الصراع معه إلى أكثر من (28) عاماً تقريباً، لكنه في النهاية لم يكن قادراً على مواجهة الدولة فاضطر إلى الهرب من الرياض سنة 1187هـ/ 1773م في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، حيث انضمت الرياض إلى بوتقة الدولة السعودية الأولى.
* الدولة السعودية الثانية
بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، وفي عام 1819م، نهضت الدولة السعودية من جديد على يدي الإمام تركي بن عبدالله، التي استمرت في مراحلها المختلفة حتى سقوطها عام 1309هـ الموافق 1891م. ويحسب لهذه المرحلة اتخاذها الرياض عاصمة للدولة، التي استمرت إلى يومنا هذا.
وتنهض هذه الدولة المباركة عام 1319 هـ على يدي الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله -، ذلك الفتى اليافع، المتوقد عزيمة وهمة، ليحدد مصيره في هذه الحياة، إما حياة تسر الصديق، وإما ممات يغيظ الأعداء، ويكون الفتح الكبير.. فتح الرياض، ليدوي صوت النصر المبين.. الملك لله ثم لعبدالعزيز، يا له من صوتٍ أسعد وأفرح أهل الرياض بعودة من يطمئنون في كنفهم، ويأنسون للعمل تحت قيادتهم، لتبدأ انطلاقة توحيد أجزاء هذه البلاد، لتكتمل عام 1351 هـ تحت مسمى (المملكة العربية السعودية) ولتكون هذه المعجزة قصة تروى في منتديات الساسة، وتكتب في منجزات الأبطال.
هذه المراحل الثلاث تثبت قوة اللحمة بين الأسر السعودية كافة بقبائلها المختلفة، وأسرة الحكم (آل سعود)، وإلا لولا هذه اللحمة لما كانت هذه القوة والمنعة، خاصة أن الدولتين الأولى والثانية جابهتا أعداء أقوياء في عتادهم، ومع ذلك لم تستسلما. أذكر في هذا السياق حملة محمد علي باشا، التي واجهت رفضاً من الأسر والقبائل كافة، وخاضوا لمواجهة هذا العدو أشد المعارك. رحم الله جدي (ماجد) قاتل ضد الغازي هو وابنه محمد ومولاه سعيد، فكانت الشهادة لهم، قاتل طائعًا مختارًا، وإلا فإن الحملة الظالمة لم تصلهم في بلدتهم (البرة) ولكن نخوته دفعته لينضم إلى المقاتلين في بلدة ضرماء، لينضم لموكب الشهداء، رحمهم الله ورضي عنهم.
إلى الذين لا يفقهون العلاقة بين الشعب السعودي وقيادته نقول لهم: اقرؤوا تاريخ الدولة السعودية علَّكم تفقهون.
المرجع التاريخي لهذه المقالة: موجز تاريخ الدولة السعودية لمؤلفه د. فيصل بن مشعل.