صيغة الشمري
لغة المصالح ومقتضياتها هي ما تحدد مضمون ومسار السياسة الخارجية لأمريكا، حيث تتحرك ضمن مصلحتها ولا غير ذلك يجعلها تتحرك، لكن الحيرة الكبرى والحساسة والأكثر خطورة والتي يبدو أن العرب لن يتفقوا عليها (كغيرها من المواقف غير المتفق عليها) هي الموقف الأمريكي تجاه إيران، عرب يرون أن إيران حليفة خفية منذ سنوات طويلة لأمريكا، وتنفذ معها أجندة شرق أوسطية استراتيجية ذات أهداف بعيدة مدى، قد يتجاوز الحلف الأمريكي - الإسرائيلي إن لم يكن ضمنه، وعرب يرون المشهد كما يريد ساسة أمريكا أن يروه، وهي أن إيران عدوة تريد أمريكا إعادتها للمجتمع الدولي، وعرب يرون أن أمريكا تقف حائرة أمام تضارب مصالح مع حلفاء لها بنفس المستوى والأهمية، أحياناً تقرر أن تزيد الفجوة والنزاع بينهم وأحياناً تجمعهم بشكل غير مباشر عندما يقتضي الأمر تمرير مصلحة ملحِّة لها.
الحقيقة أن من يقرأ حدثاً ويفسره ضمن زمنه فهو لا يعرف السياسة الأمريكية، قراءة بسيطة لأحداث الشرق الأوسط تكشف لك مدى بُعد وطول زمن التخطيط الاستراتيجي الأمريكي، كل ما يحدث الآن يستطيع معرفته وتحليله شخص متوسط المعرفة بالسياسة، حيث لم يعد هناك مجال للشك أن هناك ضوءاً أخضر لإيران لزعزعة أمن المنطقة، بل يمتد الشك بل والتأكيد أحياناً.
أن نعتبر إيران إحدى أذرعة التخطيط الأمريكي في المنطقة ومصدر ثقة لها منذ زمن الحرب العراقية - الإيرانية، وأن المخطط الأمريكي مبني على أن تكون إيران رأس حربة، ساعد في هذا التحالف الخفي المتين مهارة السياسة الإيرانية تجاه قدرتها في اللعب على كافة المصالح وتغلغلها داخل الكثير من الدول العربية، من يفهم طريقة تفكير السياسة الأمريكية سيكون الطرف الأقل تضرراً على الأقل.