عبد الرحمن بن محمد السدحان
* بدأت الكتابة صبيًا في أواخر المرحلة المتوسطة، وكانت «كراسة الإنشاء» نقطة البداية، ثم طرقت باب الصحافة في وقت لاحق، كنتُ في كلا المسارين أبحث عن ذاتي ولا شيء سواها. كان يحاصرني شيء من (الغربة) داخل أسوار الصبا بفعل إرهاصات لم أملك لها سندًا ولا فهمًا.
***
* لجأت إلى القراءة عبر (روايات الهلال) المصرية وبعض الصحف المحلية آنذاك، وكانت (اليمامة) الصحيفة ملهمتي وغايتي، ولكن كيف السبيل إليها وحارسها الأمين الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله) لا يستقبل سوى أقلام النخبة المثقفة في ذلك الزمن كسعد البواردي وعبدالكريم الجهيمان وسواهما.
***
* كنت في تلك المرحلة المبكّرة من عمري لا أطمح في شهرة أو مال، بل كنت أبحث عن نفسي كي لا تصادرها مني سيطرة الزمان أو المكان، كنت أشعر أن في صدري شيئًا يستحق البوح، فأطلقت سراحه.. وما برحت أبوح بحثًا عن الأفضل! وكان حب الوطن هاجسي وفرحي وطموحي، فمارست التغريد من أجله إكرامًا له وولاءً.
***
* وكان عشق اللغة العربية سندي وقريني أمارس الركض في دروبها حبًا لها وإلهامًا! ورحت أجوبُ البراري والقفار على صهوة الكتابة حتى أدركتها أو هي أدركتني، وهكذا بدأت مشوار العدو في مضمار الحرف لا ينالني منه ضرُّ ولا ضرار، بل أرى فيه لذة روح وعصف بيان!
***
* سُئلت مرةً: هل تجامل في كتاباتك كما يظن البعض من معاصريك، أم أن لظلّ (الوظيفة) أثره وتأثيره. فاستأذنت سائلي بدءًا متمردًا على سؤاله، ولم (أجامل) في الرد عليه كي لا تثبت عليّ تهمة (المجاملة) التي قصدها السائل الكريم بدءًا.
***
* ثم أردفت قائلاً: لم أكن يا سيدي عبر مشواري الطويل مع الحرف الجميل (مجاملاً)، فأهمّشَ الحق، أو أرجّح الشك ضد اليقين. وحين أجد نفسي يومًا (منحازًا) إلى سرادق (المجاملة) على نحو ينئ بي عن جادة اليقين، فسأغمد قلمي في جرابه مؤثرًا الصمت على ما سواه!
***
* أما إن كان قصدُ السائل الكريم أنني لا أشعل النيران خلفي عبر مسارات الحرف كي أسترق السمع أو أشدّ الإبصار لهوىً في نفسي، فأشهد برب العباد أنني بريءٌ من ذلك براءةَ الذئب من دم يوسف، السبب يسير هو أن سطوة العقل لدى الكاتب الجاد المسيّرة لحراك قلمه هي وقوده وزاده. وهي حجته وحماه. والحمد لله من قبل ومن بعد.