لن تَكسروا قَلمِي..
أو تُجففوا مِدادَ دمِي..
نذرتُه أن يبقى جارِيا..
كجريانِ الدَم..
في الشرايينِ...
* * *
لن تسكتوا صوتي..
بالعدلِ والحقِ يَصدَحُ هاتفاً..
ثابتاً مُجلجِلا..
* * *
قلمِي حِبرهُ دامٍ..
ما دامَ دَمِي..
أغذيهِ من جُرحِيَ النازف..
منذُ مَولِدي..
* * *
إن أغلقُوا نافذَةً..
فُتحتْ أبوابٌ....
أنفذُ إلى حيثُ أريدُ..
حريتي..
وأبتغي..
* * *
أسيرُ في دربِي..
على هونٍ..
على هَدي..
جَدي وأبي..
لن أخذلَ وعيي..
وَوَصيتي..
أصدقُ..
حُلمي..
وأهدفُ أُمنيتِي..
* * *
زرعوا فينا..
قيمَاً وآياتٍ..
راسخاتٍ باقياتٍ شامخاتٍ..
ما بقيَ السَيلُ مِن دمي..
هُنَّ إيماني...
ألتزمُ بِهنَّ..
كما ألتزمُ..
هديَ النَبِي..
* * *
دَربي هوَ..
دربُ الأحرارِ الأَبي..
لن تُسكتوا صَوتي..
وإن أصبحَ به بحَّةٌ..
ولن تَكسِروا قَلمي..
* * *
لن تَحرفوا دربي..
لن تُزَوِّروا اسمي...
لن تَسرقوا منِّي..
أحلامي أو خَلايا دَمِي..
صَوتِي..
سَيبقى عالياً..
هادراً مُجَلجِلاً...
* * *
قَدمايَ راسِختان..
ثابِتتان..
ثباتَ الصخرِ في القِمَمِ..
رأسي مَرفوعٌ لِلعُلا..
لا ينحنِي لِغيرِ خالقِي..
لِساني لِلعصدلِ والحقِ..
والصدقِ ناذرٌ..
* * *
أطفالِي ينامونَ..
لِيصحوا..
على موعدٍ..
على صبحٍ..
مع النصرِ لا بُدَّ آتٍ..
رغمَ أصنافِ العذابِ..
مِنَ اللجُوءِ والأَلمِ..
تعليق على النص بقلم: أ.د. محمد صالح الشنطي
صرخة صادقة، تنبعث من عمق الجرح، ومن مرجل المعاناة. تعبير بليغ، يتشكل في صياغات مجازية رفيعة أنيقة، تصعد بالكلمة في مراقي المجاز ومدارج الرمز، تسمو بمداد القلم إلى ذرى التضحية، حيث يتماهى الحبر مع النجيع والكلمة مع الشهادة، وينتقل بالصراع من دائرة الرفض إلى مربع المواجهة فينازل الصوت قعقعة السلاح، وتشتبك الكلمة بالرصاصة.
تلك هي رسالة الكاتب والشاعر في دراما الصراع المتّصل مع المغتصبين منذ فجر الصمود حتى مغيب الاحتلال، مشهد مدجّج بالرفض متّشح بالصمود: اختراق وتحدّ وصمود وإصرار في مشهد ينقل المعركة من تراجيديا الظلم إلى دراما الانتصار، إطلالة من شرفة التاريخ، وتمترس في خندق الثبات عبر سلسلة فضّية من لهيب السطور إلى ساحة النزال في استحضار للماضي العابق برصيد النزال، حيث اللقطة المضاعفة (تعبير سينمائي) ومونتاج زماني ومكاني، يجوب شتى الأزمنة، ويحلّق في فضاءات النضال، ويتقرّى ملامح الماضي، ويقرأ وقائع الحاضر ثباتًا على نهج قويم، واستقامة على سبيل الحق المبين، إخلاصًا للعهد، وصمودًا في ساحة الوعد.
بورك هذا الصوت الصافي الرخيم يتشكّل من مداد القلب ونجيع الجرح، ويستمد وضوحه ونصاعته وصدقه من نجيع التضحيات ونزيف المرحلة.
** **
Pcommety@hotmail.com