بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
أوضح أكاديمي متخصص في العلوم الشرعية والأسرية أن الإصلاح مهمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومهمة من اتبع الأنبياء في الإصلاح، مبيناً أن الإصلاح الاجتماعي والأسري همّ وهاجس موجود عند الناس، وعند الجهات المسؤولة، وعند منابر التعليم العام أو الجامعي، ومسمياته متعددة فإن سميته الإصلاح أو التربية أو رعاية الأسرة.
وقال الدكتور صالح بن عبدالعزيز التويجري أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة القصيم في حديث لـ»الجزيرة»: من النقاط المهمة أن يتصدى للإصلاح كل أحد ولا يعفى منه أحد فبعض الناس يحتج بأنه غير متعلم أو أن تخصصه لا يخدم؛ فالإصلاح يأتي بكلمة، (بلغوا عنّي ولو آية) فرب مبلغ أوعى من سامع وحامل فقه إلى من هو أفقه منه، مشيراً إلى أن الموضوع لا يتصور أنه مهمة تقال في محاضرة بل (مشروع حياة) بمعنى لو كانت الكلمة وحدها تكفي في لقاء لأصبح الأنبياء يقولون كلمة وهم الذين يوحى إليهم ويفديهم اتباعهم بأرواحهم وأهليهم ولكنهم جاهدوا بالكلمة، وجاهدوا بقضاء الحوائج، وإصلاح ذات البيت وجاهدوا في الدعوة إلى الله، وجاهدوا في الله حق جهاده في كل ميدان، كما أنه ينبغي ألا يمل الناس من تكرار الإصلاح وهذا يؤكد علينا ألا نثقل على الناس بتحويله إلى الأسلوب الأكاديمي وكأننا نستفتح محاضرة وإنما إذا استصحبناه في حياتنا كلها يتحول إلى (مشروع حياة) وذلك لأنك وأنت في الطريق تستطيع أن تصنع شيئاً كثيراً في هذا الباب، تسلم على هذا تبتسم، وتميط الأذى عن الطريق، وتأمر بالمعروف وتنهى عن منكر، وتصلح بين مختلفين تعين القاضي في المطلوب على القضاء والمستقضي على الاستقضاء وحسن الأداء.
وشدد الدكتور صالح التويجري على ضرورة توطين الإصلاح في اجتماعاتنا الأسرية، الرجل في أهل بيته، وإذا استهدفت هذه النية فأنت أثناء الأكل داعية مصلحا، وفي آداب الأكل، وفي أذكار الأكل، وفي تعداد نعم الله، وكذلك في الذهاب إلى السوق، وآداب السوق، وغض البصر، وإفشاء السلام، والبعد عن التجمعات المشبوهة، ومواطن الريب، وتحاشي الاحتكاك في النساء في مواطن الزحام، وكذلك في القبور زيارتها تذكر الآخرة إذا استهدفها الإنسان برفقة أولاده، أو كان في الطريق عابراً ومعه أهله فسلم وذكرهم بالموت وبأهل القبور، وإذا كان في مناسبة عامة حديث مبسط مع من بجواره أو كلمة عابرة أو قصة هادفة، كما أنه من الأشياء المهمة أن نبرز في كل أسرة علم أو معلم يهتدي به الناس في سلوكه ويصار إليه في حل المشكلات لأن الرموز صناعتهم تحتاج إلى زمن فإذا وجد من فيه أهلية لذلك وتقبل فعليه أولاً أن يعظم شأنه ويحترم ويقدر ويوجه ويزود بما يعينه على هذه المهمة، وأن يوصي الناس باستشارته كأن يكون عالماً أو أديباً أو مربياً أو كبير سن مجرب للاستفادة من خبرته وحياته، وإسناد الأمور إليه في بعض الأشياء، وكذلك كل أسرة ينبغي ألا تغرد خارج السرب فيختار لها من بنات جنسها من يفقهها في دينها بعض القضايا المشكلة أو المشاكل الاجتماعية، أو يكون في الأسرة شيخ معتبر معروف يفتي ويعلم الناس ويوجه الناس ويقتدون به؛ فلما لا يتداول رقمه في وسط أسرته والأقربون أولى بالمعروف، مشيراً إلى نقطة مهمة بأن يضع الإنسان لمحارمه كل من لا تتحجب عنه، من بناته وأخواته وزوجاته إن كان معدداً وبنات إخوانه وبنات أخواته في (قروب) يكون فيه رجل واحد يتولى إرشادهم ونقل ما يكون في قروبات الرجال لهن مما يخص الأسرة والمرأة ويجيب على بعض الإشكاليات ويوصل الآراء لأن الرجال لهم أسلوبهم في القروبات والنساء في قروبهم الخاص لهم أسلوب إما يتبادلون حكايات وقصص نسائية ما يتعلق بالملابس أو المطبخ أو الطفل لكن إذا غرد رائد من الأسرة إليهم فنقل لهم ما يتداوله الرجال من الحكم والفوائد والوصايا والأمثال كان ذلك ممتعاً وطريفاً، مستذكراً بما لديه قروب بمسمى وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وكان له أثر وصدى تتفاعل معه بعض البنات والأخوات المتعلمات أو المعلمات أو الداعيات.
ونبه الدكتور التويجري على أنه لا يمكن ألا نتصور أن الحياة كلها بيوم وليلة لا تخلو من كدر، ولا نعترف بالقصور والتقصير والضعف البشري ونتحمل وندفع، ونرفع ما وقع من الإشكالات والمحاذير، وندفع ما يوشك أن يقع بالتحسب له بالتحذير، والوصايا والنصائح ومع ذلك ستبقى الحياة أن خلقنا الإنسان في كبد حيث سيظل في هذه الحياة يصارع المغريات والتحديات والشهوات، وأن علينا أن نستفيد من الجهات ذات العلاقة المفعلة، ونفعل نشاطها في قروباتنا، وفي بيوتنا (إذاعة القرآن) وما فيها من برامج نافعة بحيث لو وضع في بيتية سماعة يسمعه الأهل، وفي السيارة وأنت ذاهب لمشوار ومعك أهلك، ومن الأشياء المهمة في ذلك اطلاعهم على الجديد من الأنظمة لأن الحياة ليست فقط جانباً شرعياً، وإنما فيها جانب توعوي، واقتصادي، وصحي، وحقوقي، وفي جانب قيمي، وفي جانب نظافة، كما يجب علينا أن نختطف ما يدور عبر التغريدات أو القروبات أو الصحف فنقتنصه ونضعه في مجالسنا، وفي قروباتنا والاطلاع على المستجدات الحديثة، وأنظمة وتعليمات وإرشادات، وأدبيات معينة مما يتعلق بالخدمات، وما يتعلق بأيام الإجازات وكيف تستثمر، والسفر وآدابه وميثاق الرحلة، وأن نحرص كل الحرص على ألا نحول المجتمع كأنه مجموعة من المشاكل، وهو عكس ذلك مجموعة من المبشرات ومظاهر الإنس ومن يتطلب الصفاء في كل شيء (كمتطلب في الماء جذوة نار).