خالد بن حمد المالك
منذ تسلَّم الرئيس الأمريكي جو بايدن مسؤولياته رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وسيداً للبيت الأبيض، والرسائل المبطنة بين واشنطن وطهران تتوالى على شكل تصريحات وردود فعل من هذا الطرف أو ذاك، تارة لتبريد الأجواء، وتارة أخرى لتسخينها، أحياناً في غزل، وحيناً في مناكفات شيطانية وبالذات من الطرق الإيراني.
* *
ولم يكن الطرف الأوروبي غائباً، أو كان دوره في تقريب وجهات النظر بين أمريكا وإيران مهمَّشاً، فقد ظلَّ في حركة دائمة، كما لو أنه وسيط لنزع فتيل الخلاف بين الموقفين الأمريكي والإيراني، وازداد حماس الأوروبيين كلاعب لتبريد الأجواء، وتحفيز أمريكا لعودتها مجدداً إلى الشراكة في شأن الاتفاق النووي الإيراني.
* *
غير أن السجال بين واشنطن وطهران ما زال مستمراً، وإن أبدى البيت الأبيض رغبته في العودة إلى الاتفاق دون إلغاء العقوبات، يسبق ذلك مباحثات وتفاهمات مع طهران، وضمن شروط واشنطن إدخال تعديلات على الاتفاق تمنع إيران من صناعة وحيازة القنبلة النووية، وتسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش متى ارتأت ذلك للتأكد من نوع أنشطتها وبرنامجها النووي، بما قد يفضي إلى حسر هوة الخلاف بين أمريكا وإيران وإنقاذ اتفاق 2015 النووي على نحو لن تقبل إيران بأن يتم ذلك إلا وفق شروطها.
* *
لكن إيران تطالب أمريكا برفع العقوبات عنها أولاً إذا كانت تريد التباحث حول الاتفاق النووي، فيما أن أمريكا لا تمانع من فتح مسار جديد للتباحث مع إيران بهدف منعها من تطوير أسلحة نووية، لكنها تصطدم بمطلب طهران برفع العقوبات أولاً، وهو ما يعني التسليم بالشروط الإيرانية دون أن تحصل واشنطن من إيران على أكثر من قبولها للتباحث والسماح لها بالعودة إلى الاتفاق، وهو ما ترفضه أمريكا حتى الآن.
* *
وعلى الخط، يظهر المارد الإسرائيلي القوي، الذي يؤكد أنه لن يسمح لإيران بحيازة قنبلة نووية سواء بالاتفاق النووي الحالي، أو بالاتفاق المعدَّل، أو خارج الاتفاق، وسواء قَبِلَ الشركاء في الاتفاق النووي كما هو أو بشيء من التعديل، أو أخذتهم العزة بالإثم، ولم يعطوا اهتماماً وأهمية بما يصرِّح به رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو.
* *
ومجمل القول، أن التعامل مع إيران ما لم يكن بالقوة كما كان يفعل الرئيس الأمريكي السابق ترامب، فإن شيطنة وألاعيب وخداع ومكر الجانب الإيراني سوف يستمر، ولن تتوقف مناورات طهران للهروب من تضييق الخناق عليها لكي لا تتمكن من حيازة قنبلة نووية تكون مصدر خطر على دول المنطقة ومصالح دول العالم فيها، ولذلك فعلى الرئيس بايدن عدم التسامح مع إيران، وعدم تقديم تنازلات لا تخدم الاستقرار في المنطقة، وعلى بقية الشركاء في الاتفاق النووي أن يغلبوا المصلحة العامة في مواقفهم على المصلحة الإيرانية الضيقة، لضمان الأمن والسلام في منطقتنا وفي العالم.
* *
إيران دولة شريرة، وإرهابية، ومارقة، ولا تلتزم بما يتم الاتفاق معها عليه، وتزرع أدوات لها في أغلب دول المنطقة لإثارة الفوضى في هذه الدول، وترسيخ أجندتها وأهدافها التوسعية، ولهذا فلا خيار أفضل من استخدام القوة مع هذه الدولة الإرهابية لإجبارها على احترام المواثيق الدولية، وإلزامها بعدم إيذاء جيرانها، وهو ما ننتظره من إدارة بايدن وبقية الشركاء، صيانة لأمن المنطقة واستقرارها.