راشد صالح الحمادي
لم يدر في خلد الشاعر الأموي المتوكل الليثي حينما قال بيته الشهير:
نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعل مثلما فعلوا
لم يدر في خلده أن يقطع بيته هذا ألفاً وثلاثمئة عام، وتتداوله ملايين الألسن، ويمر على ملايين الأسماع، قبل أن يلامس أذناً متذوقة، وعقلاً تحليلياً فذاً قام بتعديل ذكي وطموح، وحول العبارة الأخيرة في البيت إلى: ونفعل فوق ما فعلوا!
قاطعني الملك عبدالعزيز قائلاً: نحن نبني يا حضرة الأستاذ كما كانت تبني أوائلنا، ولكننا نفعل فوق ما فعلوا. هذا الاقتباس هو جزء من حوار راق دار بين المغفور له الملك عبدالعزيز والمفكر أمين الريحاني، وعلى إثر هذا الحوار تم في العام 1358هـ تعديل البيت المكتوب على مدخل قصر المربع التاريخي في الرياض!
لم يكن الملك عبدالعزيز يستعرض مهاراته النقدية في هذا الحوار، بل كان يؤكد على قاعدتين تبنى الدول على أساسها، وهما: الاعتراف بفضل الأوائل بالبناء والعمل، والأخرى: أن المؤسس يحمل فكراً غير تقليدي لتأسيس دولة ليست نسخة مكررة كغيرها من الدول، وهذه عبقرية سعودية تبني دولة عمادها الحياة والتجديد.
لذلك.. لا نستغرب ما يفعله الأمير الشاب محمد بن سلمان من تطوير وتحديث، وضخ لأفكار جديدة وروح مفعمة بالحياة، فهذا الشبل من ذاك الأسد، هذا أولاً، وثانياً: لأن هذا الأمير الشاب لديه طموح غير تقليدي، وخطة يافعة حية وقوية لانتقال فريد من نوعه لا يشبه إلا تأسيساً لدولة جديدة يراهن فيها الأمير الشاب على الشباب وطموحهم وأفكارهم التحديثية، لذلك نحن موعودون مع سعودية جديدة برؤية طموحة تحقق الرفاهية وتصنع شعبا متقدما في كافة مناحي الحياة.
خاتمة:
للشاعر عبدالرحمن بن صالح الحمادي -الزلفي -
جلستُ إلى العلياءِ أسترجع الذكرى
وأسأل عن أولى البطولات والأخرى
وأيِّ بلادٍ في ذراها تسيّدتْ
وأحرزت التمكينَ والعزَّ والنصرا؟!
فقالت لي العلياء -وهْي عليمةٌ-:
سَلِ البدرَ والجوزاءَ والجديَ والشعرى
ستحكي من الأمجاد ما لا تُحيطُهُ
محيطاتُ هذا الكون لو مُلئتْ حبرا
ستحكي عن الماضي وكيف تأسست
سعوديةٌ نادت لتأسيسها الصقرا
سليلَ العُلا «عبدالعزيز» فجاءها
وقلّدها دُرّاً وأسكنها قصرا
فسارت على نهجٍ من الدين عادلٍ
فلم ترضَ تكفيراً، ولم تقترفْ كُفرا
وها نحن في أمنٍ وفضلٍ ونعمةٍ
وقائدُنا «سلمانُ».. يا ربَّنا شكرا
ونائبُهُ نعمَ العضيدُ «محمدٌ»
بهمّته جاءت بُطولاتُه تترى
قرارٌ بحزمٍ، وانطلاقٌ برؤيةٍ
فعُزّ به شعبٌ، وذُلّ به كسرى
أقولُ لمن رام البلادَ بِكَيده
تمهلْ.. فقد صرنا بكيدكمُ الأدرى
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
فسَلْ -لو أردتَ- البدرَ والجديَ والشعرى