عبدالمحسن بن عبدالرحمن بن عسكر
في الأسبوع الماضي كنا أنا والزملاء في كشتة برية إلى أحد عروق الدهنا والمسمى عرق الدحيل وكانت علامات الفرح والسرور تعطِّر نفوسنا فيما رأينا من تنوّع الغطاء النباتي للصحراء والتي بلا مبالغة لم نشاهده من عقود، بل إن بعض هذه الزهور لم نرها من قبل في حياتنا بحكم أننا من رواد وزوار الدهنا باستمرار وخصوصاً في فصل الشتاء.
واللافت للأنظار كثافة هذه النباتات وتنوّعها وهذا فقط تم من خلال شهرين من الإجراءات الحمائية التي اتخذتها الدولة -حفظها الله- ممثلةً في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية بالتعاون مع إدارة المجاهدين.
حيث تم منع الماشية من الرعي في تلك المناطق وإخلاء الدهنا منها كجزء من إعادة الحياة فيها وإعطاء فرصة للحياة البيئية للنمو والتكاثر وهي في الواقع منظومة متكاملة ومرتبطة مع بعضها البعض، حيث إن أي خلل فيها يوثِّر على التوازن البيئي، وكانت الخطوة الأولى منع الإبل والأغنام من الرعي، حيث إنها كانت السبب الرئيس في القضاء على نمو النبات، بل وصلت إلى حد الانقراض على سبيل المثال لا الحصر نبات الأرطى «العبل»، حيث إن هذه الشجرة تم القضاء عليها من قبل الاحتطاب الجائر والذي أتلفها مع الأسف من جذورها لأن البعض من البشر كان يقطع الأشجار من جذورها وبالتالي أتلفت ولم يعط فرصة لإعطاء النبات وقته في أخذ دورته في الحياة من تعمّر وازدهار. وإنتاج حبوب وبذور للأعوام القادمة.
إن ما قامت به الهيئة فقط من خلال الشرطة البيئية والمراقبة من خلال الاستفادة من وسائل التقنية من درون وخلافه والرقابة المستمرة جهد تُشكر عليه وإن شاء الله سوف نرى صحراءنا في الدهنا وغيرها تعاود فيها الحياة وهي ما تم في معظم المحميات البيئية في العالم ولعل أقرب مثال ما تم عمله في أمريكا في محمية yellow stone والتي كانت فقدت جميع مقومات الحياة فيها وكان هناك اختلال في التوازن البيئي من تكاثر بعض الحيوانات على حساب البيئة مما حدا بهم إلى جلب الذئب لإعادة التوازن البيئي فيها وكانت النتيجة أن المنطقة أصبحت تعج بالحياة الفطرية من جميع الكائنات فقط بجلب الذئب إليها.
ولكن ولكي تكتمل منظومة الحياة الفطرية هناك رجاء نوجهه إلى هيئة الحياة الفطرية لإعادة توطين بعض الأشجار والنباتات مثال ذلك الأرطى أو ما يُسمى العبل كذلك إشراك الجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز في دراسة أسباب فناء هذه الأشجار للتأكد أنه لم يصبها وباء -لا سمح الله - ومراقبة نموها من قبل أناس متخصصين في الحياة الفطرية كي نعيد دورة الحياة الفطرية إلى صحرائنا وإعطاء فرصة للبيئة أن تأخذ دورتها المعتادة بمنأى عن العوامل الخارجية والمؤثِّرات الإنسانية.
وبالصدفة لدي بعض الصور التي تم التقاطها من قبل زميلي سلطان الشلهوب عن بعض هذه النباتات التي كانت في حب الدخيل في الدهنا وهي أكبر شاهد على ما تم ملاحظته منا أثناء رحلتنا الأسبوع الماضي في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية
والحياة الفطرية مرتبطة مع بعض في منظومة إلهية، فالنباتات سوف تجلب الحيوانات والطيور وتوطنها من جديد في أسلوب حياة يعطي الصحراء الحياة التي تليق بها وهذا بدوره يقلِّل من التصحّر الذي حرص عليه ولاة الأمر وخاصة ما تم وضعه من إستراتيجية خاصة للبيئة في رؤية 2030 . والأمل في كل هذه الجهود أن تكون باكورة إعادة حياة الحياة الفطرية في الدهنا إن شاء الله.