أحياناً كثيرة تقضي عمرك وأنت تبحث عن إجابات لأسئلة سلبية وأفكار محيّرة، جعلتك متأرجحاً ما بين الجحيم والحطام، وما بين القنوط واليأس، فتجد نفسك تسير بين فراغات ومفترقات كثيرة ومختلفة، وبعيدة كل البعد عن إصرار الحياة التي كنت تعيش فيها، بسبب عجزك عن منعها، لذا تجدها تهاجمك بين الحين والآخر.
وقد لا يسعك أن تتخيّل، كم تطول قائمة أسئلتك وأفكارك تلك مع تقدم عمرك والذي سيضيع هباءً منثورا، ولكن تيقن بأنك كلما فهمت نفسك أكثر، ستدرك وستلاحظ وستستوعب.
كما تأكد بأنك مهما فعلت وعملت، يجب عليك أن تتذكّر بأنك وحدك من يستطيع إخراجك من غيبوبة الإحباط، ووحدك من يستطيع البحث عن ذلك المفتاح الذهبي المغمور بداخلك، والذي لن تجد من يبحث عنه بالنيابة عنك، فمن خلاله بإمكانك أن تحول جميع أسئلتك وأفكارك إلى أشياء تلهمك، تقويك وتميزك.
فقط احرص عليه بروحك وقلبك قبل عينك وعقلك، وبيقين تام كي لا تهلك عمرك، ذلك لتتشاطر الحياة على سطور الأمل والصفاء والنقاء، وكي لا تعوم كثيراً في دوامة الضياع والشقاء، كما لا تنسى أيضاً بأن للعمر ثمناً، وكما قال الشاعر:
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له:
إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثواني
فلا تصبح كما الطير السجين في القفص، يضيع عمرك دون حرية، بل كن كالنسر لا أحد يضيع له عمراً، فمهما واجهت في حياتك من تعثرات وخيبات، كل ما يجب عليك فعله هو تفاديها وتجاهلها، لا أن تبقى واقفاً مستسلماً إلى الأبد عند أبوابها.
وتأكد أن هناك سطوراً ذات أسرار عظيمة لم تكتشفها بعد، ذلك بسبب تعمقك وغرقك بتلك الأمور السلبية، والتي ثمنها في النهاية والأخير هو عمرك.
ذلك العمر الذي يجب ألا تضيعه ما بين متاهات معقدة وأحلام لم تتحقق مبعثرة، كي تتخلَّص من تشويش عقلك، وكل تلك الأفكار التي تؤدي بالتدريج لتدمير نفسك.
ستسير أمورك التي تعسرت، وسيقترب حلمك وإن كان بعيدًا بالنسبة لك، فالمرء إن كان يؤمن بالله ويؤمن بحسن ظنه به، سيطمئن قلبه ويسعد، وسيتخلص من سوء فكره وضعفه وجميع انكساراته.
فالله سبحانه دائماً معك، ليس ضدك، يسمع صمت أفكارك، يعلم بضيقك وحزنك، وكل سر تخبئه في صدرك وجوارحك، ووحده أيضاً سبحانه سيساعدك على التخلّص من مراودة كل تلك السلبيات والمخاوف، ويدبر أمرك.
وكما قال الروائي والصحفي غابرييل ماركيث: العُمر الحقيقي ليس ما قد بلغه أحدنا، بل هو ما نشعر به من داخلنا، فمتع عمرك بما يسعدك وتفاءل، وتخلَّص من كل تلك الأمور التي أفقدتك السعادة وأحزنتك.
وقال أيضاً الأديب والشاعر مصطفى الرافعي: إن يوماً باقياً من العمر، هو للمؤمن عُمرٌ ما ينبغي أن يُستهانَ به.