د. عبدالرحمن الشلاش
لن تجد ديناً أو عقيدة أو ملة أو توجُّهاً كفل حقوق الإنسان مثل الإسلام، حيث كرَّم الله بني آدم وكفل لهم دينهم ومعتقدهم وحمَّلهم مسئولية اختياراتهم دون ضغط أو إكراه. قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (70) سورة الإسراء، لذا لا توجد كرامة أعظم من ذلك، وتفضيل هذا الإنسان الذي خلقه الله على كثير من خلقه دليل أكيد على فضله وأهميته وتكريمه بما يمكِّنه من القيام بدوره في مجتمعه.
وقد ضمن الإسلام للإنسان حق الحياة بحمايته من الاعتداء أو القتل، حيث حرَّم قتل النفس التي حرمها الله، وذلك في قوله تعالى : (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (151) سورة الأنعام، وحق الكرامة المذكور في الآية آنفاً بعيد عن الإذلال أو القهر أو الإهانة، وحق الحرية في الاختيار، كما يظهر من سياق الآية الكريمة في قوله تعالى : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) (46) سورة فصلت، وحق الإنسان في التعليم وقد حرَّم كتم العلم، وكفل الإسلام للإنسان حق التملك والتصرف بالبيع والشراء والإجارة والرهن والهبة والوصية وحرم الغش والربا والرشوة والاحتكار؛ كي لا يلحق الضرر بالناس، وكفل الدين للإنسان حق العمل وعظم من شأنه قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لأن يأخذ أحدُكم حبلَه ثم يغدو إلى الجبل فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدَّق، خيرٌ له من أن يسأل الناس)، ولم يكفل للإنسان حق العمل فقط وإنما الحق في الأجر العادل، والحق في الراحة.
من العرض الموجز السابق يتضح أن الإسلام قد كفل للناس ذكوراً وإناثاً الحقوق كافة التي تيسر لهم أمور حياتهم، والمملكة العربية السعودية تستند في دستورها إلى الكتاب والسنة؛ لذلك قامت أنظمة القضاء على الشرع المطهر حيث يتم التقاضي من خلال المحاكم الشرعية المنتشرة في كافة مدن وقرى المملكة، وأي قضايا تتعلق بالحقوق تُحال إلى المحاكم الشرعية المستقلة للفصل فيها، وتصدر الأوامر من السلطة العليا لتنفيذ الأحكام دون تدخُّل أو أي محاولات للتأثير.
حقوق الإنسان في المملكة ليست لعبة كما يحدث من بعض الدول التي تستخدم حقوق الإنسان وفق الهوى، فتجعلها لعبة في المجال السياسي حين تتهم غيرها بأنها لا تضمن للإنسان حقوقه، بينما هي ذاتها ترتكب في حق الشعوب المستضعفة كل أنواع القهر والظلم والاستبداد والقتل والتعذيب والتشريد والاحتلال ونهب الثروات، بل وحتى في حق مواطنيها تبرز روايات وقصص تقشعر منها الأبدان والله المستعان.