استطاعت المملكة خلال الأزمة الدولية من جراء جائحة كورونا استخدام التقنيات الحديثة لمواجهة انتشار الوباء، وكان أبرز تلك الاستخدامات هو إنشاء تطبيقات على الهواتف الذكية، تتيح للمواطنين والمقيمين في المملكة الوصول إلى خدمات إلكترونية، تتمثل في حجز مواعيد لإجراء اختبار المسحة الطبية. وكان آخر تلك الخدمات أو المبادرات التي أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في إطار دعم الجهود الصحية لمواجهة الوباء هي إنشاء تطبيق «توكلنا»؛ إذ يشكل هذا التطبيق نقلة نوعية في مواجهة الوباء وتقليص انتشاره من خلال الأدوات التي يحملها التطبيق، التي تفيد المستخدمين الذين وصل عددهم إلى أكثر من 17 مليون شخص خلال 9 أشهر منذ إطلاقه. كما يشكل التطبيق أهمية قصوى للقطاع الخاص، وبالتحديد المحال التجارية التي عانت من التبعات الاقتصادية لهذا الوباء؛ إذ يساهم تطبيق «توكلنا» في استمرار الأنشطة التجارية، وذلك من خلال تحميل التطبيق، والتنقل به.
يشكّل تطبيق «توكلنا» بنية تحتية مهمة، يمكن استخدامها في مواجهة الأوبئة مستقبلاً إلا أن هناك فرصة أمام التطبيق لتوسيع صلاحياته، والاستفادة من الـ17 مليون مستخدم للتطبيق، وذلك من خلال ربط «توكلنا» بأنظمة المراقبة بالفيديو أو تلفزيون الدارة المغلقة (CCTV) للأماكن العامة داخل المملكة، مثل المطارات، والواجهات البحرية، والمنتزهات، والأسواق، وغيرها من الأماكن التي يوجد فيها أنظمة CCTV؛ وذلك بهدف استدامة تطبيق «توكلنا» لما بعد جائحة كورونا؛ إذ من الممكن أن يلعب التطبيق ذو الـ17 مليون مستخدم دورًا مهمًّا في تحديد المخالفات أو الجرائم المرتكبة في الأماكن العامة، سواء بالاعتداء على الآخرين، أو رمي النفايات، أو أي من التجاوزات الأخرى التي قد يساهم «توكلنا» في التعرف على هوية مرتكبي تلك الممارسات.
وفي حال ربط «توكلنا» بأنظمة CCTV سيكون من السهل التعرف على الأشخاص الموجودين في الأماكن العامة، وذلك حال حدوث أي تجاوزات. وسيسهل هذا الربط الإلكتروني المهام أمام الجهات الأمنية في تحديد مرتكبي جرائم التحرش والسرقات وغيرها من الجرائم التي من الممكن أن تشكل التكنولوجيا علامة فارقة فيها.
تعتمد فرصة توسيع نطاق «توكلنا» واستدامته في المستقبل على إلزام المواطنين والمقيمين بتحميل التطبيق بشكل مستمر، خاصة أن التطبيق الآن لا يستهلك بيانات الإنترنت إلا أنه من الصعب إلزام المواطنين والمقيمين بشراء هاتف ذكي، أو اصطحاب أجهزتهم التي تتضمن التطبيق في كل تنقلاتهم، ولكن من الممكن العمل على إلزام «توكلنا» بشكل تدريجي كما هو الحال الآن في أغلب الأماكن التجارية التي تشترط إظهار التطبيق قبل الدخول. من المهم العمل حاليًا على استدامة تطبيق «توكلنا»، وتوسيع صلاحيته فيما يخدم الجهات العامة والجهات الأمنية، خاصة أن التطبيق يحمل أكثر من 17 مليون مستخدم، وأمام المملكة والهيئة فرصة في الوصول إلى أعلى المستويات من المبادرات والاختراعات التقنية التي تسهل حياة الناس، وتقلل من انتشار الأوبئة، وتساعد في تحديد المخالفات والتجاوزات.
والمملكة قادرة على نقل تجربة «توكلنا» بشكل ناجح للدول الإقليمية وغيرها من الدول حول العالم التي تضع الأمن الصحي والأمن الجماعي في مقدمة الأولويات. كما يمكن للمملكة أن تنفرد بمشروع أمني خاص بها من خلال تطبيق «توكلنا» من غير الحاجة إلى استخدام أنظمة التعرف على الوجه المستخدمة في الصين.