منال الحصيني
قرأت في أحد الكتب أن صبياً منذ فترة طويلة انحنى على سور جسر وراقب مجرى النهر في الأسفل، فمرّت بعض القطع والشرائح الخشبية، ثم ما أن عاد سطح النهر طبيعياً مرة أخرى، فقد ظل الماء يسير تحت الجسر كما هو الحال، فأحياناً تسير المياه بسرعة أكبر، وتارة أخرى تعود لتسير ببطء تام، لكن دائماً ما يتدفق النهر تحت الجسر، وفي أثناء مراقبته للنهر، اكتشف الصبي شيئاً ما، لم يكن مادياً فيستطيع أن يضع يده عليه، ولم يكن كذلك يستطيع رؤيته.. لقد اكتشف فكرة، فقد أدرك أن كل شيء في حياته سوف يمر ذات يوم تحت الجسر ويختفي مثل المياه.
أعجب الصبي بذلك، وأفادته الفكرة كثيراً، بل ساعدته طوال حياته، على الرغم من وجود أيام كانت حالكة وصعبة، فقد أدرك أنه كلما فعل خطأ لا يمكن تداركه، أو فقد شيئاً لا يستطيع استعادته، قال «إنها مياه تحت الجسر».
أصبح رجلاً وهو ما زال يرددها، ولم يعد يقلق بسبب أخطائه، فقد تعلم الحقيقة العظيمة التي تعني أنه لا يوجد فشل نهائي، إذاً لماذا نحن لا ندع المياه تسير تحت الجسر؟
لماذا نتصرف بغباء؟ فكوننا فشلنا أو ارتكبنا خطأ فإن هذا لا يعني نقصاً في ذكائنا وقدراتنا، من الممكن لأي شخص أن يتعثر ويسقط من وقت لآخر، هذا لا يعني أنه ليس على ما يرام.
فلنلملم شتات أنفسنا وندير ظهورنا تماماً، وننظر بثقة إلى المستقبل، ولنستمر نثق بأنفسنا وامتلاك الثقة، فنحن نكتشف أنفسنا، حينها سيبدأ الإيمان بها، وعندما يحدث ذلك فالقدرات الكائنة في ذواتنا التي غالباً ما تكون دفينة، ستعمل على تغييرنا بشكل فعال.
عندها سيحصل التغيير المنشود، فتتبدل الأمور لتصبح في صالحنا وطوعنا.. ماذا لو حفزنا القدرة على تحقيق ذواتنا؟ إنها تجربة تنفجر منها فكرة ما داخل عقولنا، فحينما سنفكر أننا نستطيع تحقيق ما نريده ونحققه بالفعل، تذكر دائماً بداية التمكن من تحقيق الذات، هو من خلال الإيمان بالنفس، قم بتمرير حياتك كشريط سينمائي، وعزز ما تظنه جديراً بأن يخلق منك شخصاً آخر متميزاً، فالعقل يحاول دائماً أن ينفذ الصورة التي تصورها، بل يطبع في عقلك صورة ذهنية ثابتة عن نفسك كشخص ناجح.