د. عبدالرحمن الشلاش
يروي لي أكثر من متابع قصصاً من المعاناة التي يعيشونها وهم في سن متقدمة من تجاهل أبنائهم وقلة اهتمامهم بهم بعد أنحل موعد الوفاء ورد الجميل منهم. معاناة الآباء من جحود الأبناء وكما يصفونها بالظاهرة التي بدأت بالتنامي مع الأيام.
ما العذر الذي سيجده ابن أو ستسوقه ابنة مع توافر كل وسائل الاتصال ووسائل النقل واللقاءات عبر الكاميرات من خلال المنصات؟ أعتقد ليس هناك أي أعذار في ظل هذا الزخم الهائل في أقل من جزء من الثانية وبضغطة زر يمكن أن يرسل الابن المحترم رسالة لأبيه المتلهف لوصله المتشوق لأن يرى اسم ابنه أو ابنته على الشاشة ولو برسالة فارغة. هذا هو الحد الأقل من الأدنى.
ما الذي يمنع الأبناء من إدخال السرور على آبائهم؟ هل هو كسل أو نسيان أم قلة اهتمام أم انشغال أم قسوة في القلوب مصداقاً للمقولة الأزلية الدارجة لدى كبار السن «قلبي على ولدي.. وقلب ولدي علي حجر» تحول القلب دون رحمة إلى قطعة من الصخر، وحجر صلد ليس للرحمة فيه موقع ولا الشفقة ولا العطف ولا الرحمة!
وبعد أن يغادر الأب هذه الدنيا يدرك الأبناء متأخراً الفراغ الهائل الذي تركه برحيله، وحينها لا ينفع الندم ولا البكاء أو تطريز العبارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع! لقد اشتقت إليك يا تاج رأسي.. عبارة جاءت متأخرة جداً.
يقول أحد الآباء أشاهد أبنائي وكل منهم ممسك بجواله فتدور في ذهني تساؤلات كثيرة.. أبنائي ها هم يتواصلون مع أصدقائهم وزملائهم ويبعثون برسائلهم على مدى الدقيقة لكن حين أغيب عنهم ويغيبون عني لا أرى شيئاً من هذا ولو حتى رسالة اطمئنان أو سؤال وكأني خارج منظومتهم.. بعد أن قدمت لهم كل شيء ماذا قدموا لي لكن انتظاري يمر دون جدوى.. لا أحد منهم يحس بي ولا بمشاعري.. لكن عند الحاجة لي أجدهم أمامي وكل واحد منهم يبذل ما يستطيع لأرضائي وعند انقضاء الحاجة لا أَجد أي منهم!
أقول فعلاً الحياة قصيرة فاستمتعوا بآبائكم قبل أن يرحلوا أو ترحلوا قبلهم.. لا عذر لكم اتصال أو رسالة تحمل سؤالاً عن الحال أو زيارة لمن يعيشون بعيداً عن الأهل في بيوت مستقلة فلا عذر لكم فكل وسائل الاتصال والتواصل بين أيديكم.