سمر المقرن
كانت جائحة كوفيد 19 فخاً منصوباً -بغير قصد- لبعض الصحفيين والإعلاميين ومشاهير التواصل الاجتماعي، وقعوا فيه فنشروا معلومات كاذبة ومغلوطة دون مراعاة التحقيق والتدقيق والبحث عن مدى مصداقية هذه المعلومات، إما تسرعاً عن غير قصد أو تعمداً لصالح بعض الصراعات والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للتمويه عن بعض الحكومات التي سقطت في مواجهة كورونا. بعكس قيادتنا التي واجهت الوباء بإجراءات وقرارات حكيمة ليشهد العالم أن المملكة من أفضل الدول التي نجحت باقتدار في مواجهة الجائحة وأنها جعلت الأولوية للبشر قبل أي شيء آخر.
ولكن يظل نشر بل ودعم المعلومات المضللة كارثة كبرى في بعض دول الوطن العربي، ومؤخرا أظهرت دراسة صادرة عن المركز الدولي للصحفيين بالتعاون مع جامعة (جورج تاون) بواشنطن أن أكثر من نصف الصحفيين في العالم يستخدمون الأدوات الرقمية بانتظام للتحقق من المعلومات وتقصي الحقائق، فماذا عن النصف الآخر الذي ينشر دون أن يتحرى الصدق معلومات مضللة أو خاطئة؟ ولتوضح منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الفارق بين الأنواع الثلاثة السابقة وجميعها معلومات غير دقيقة فلو قصد بها إلحاق الضرر فهي ضارة، وإذا كانت عن طريق خطأ في تفسير المعلومة فهي خطأ، ولو كانت غير حقيقة أو مفبركة عمداً فهي مضللة، ولها عدة أسباب: إما زعزعة استقرار الدولة والإساءة للقيادات، أو التشكيك في منتج استهلاكي معين، أو لتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة على منصات التواصل الاجتماعي لجني الأموال!
وللأخبار والمعلومات المضللة جذور تاريخية ومن أشهرها مقولة ذكرها جان جاك رسو عن ماري أنطوانيت قولها: لا يوجد خبز للفقراء إذا ليأكلوا الكيك! فأكد التاريخ الحديث كذب ما قاله رسو، ففي الأيام التي يتحدث عنها كانت ماري عمرها عشر سنوات فقط فضلاً عن أنها عندما تولت الحكم كانت تحسن إلى الفقراء جداً وتبرعت للجمعيات الخيرية بأموال وأعطيات. ومعلومة أن الرسام العالمي فان جوخ قطع إذنه من أجل سيده والحقيقة أنه تشاجر يوما مع الرسام «بول غوغان» الذي كان بارعا في استخدام السيف فقطع أذنه!
ومر تاريخ المعلومات المضللة ليتوقف قليلا عند «جوزيف غوبلز» وزير الدعاية السياسية في حكم هتلر الذي كان يروج للمعلومات المضللة كثيراً. وأخيراً وصل لعهد التواصل الاجتماعي فأصبح متاحاً لكل شخص يملك حسابا على تويتر أو فيس بوك أو باقي منصات التواصل الاجتماعي المختلفة نشر أخباراً وفيديوهات مضللة بضغطة زر واحدة، ويظهر دور الذكاء الاصطناعي بتغذية الحواسب ومنصات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني بمعلومات لكشف الأخبار المضللة والمزيفة، ولكن يظل للعقل البشري اليد العليا في كشفها! والوضع في ظل هذا الطفح المعلومات المضلل يستوجب علينا جميعاً تحري الدقة والبحث عن حقيقة المعلومات من مصادرها قبل إذاعتها أو نشرها حتى لا نكون شركاء في جريمة نشر المعلومات المضللة!