تعرض المجتمع السعودي لكثير من التغيرات الاجتماعية خلال السنوات الماضية، والتي غيرت بعض القناعات والأفكار السابقة عند بعض أفراد المجتمع حيال موقف أو موضوع ما، مما أدى إلى تغير في أسلوب حياة الناس لمواكبة هذه التغيرات الاجتماعية.
ومن هذه التغيرات الاجتماعية التي حدثت في المجتمع السعودي (قيادة المرأة للسيارة، دور السينما، الاعتماد على التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني عوضاً عن التعليم الحضوري بسبب تأثير جائحة كورونا، انخراط الشباب والفتيات في وظائف مختلفة كان يشغلها المقيمون بنسبة عالية.. إلخ).
ومما ينبغي الإشارة إليه أنَّ التّغير يُعد سنة من سنن هذا الكون الذي نعيش فيه. كما يُعد التّغير ظاهرة طبيعية تخضع لها جميع مظاهر الكون وشؤون الحياة بالإجمال، وينسب للفيلسوف اليوناني هيراقليطس Heraclitus قوله: «إن التغير قانون الوجود، وإن الاستقرار موت وعدم».
وظاهرة التغير أوضح ما تكون في مظاهر الحياة الاجتماعية، مما جعل بعض المفكرين يدَّعون بأنه ليس هناك مجتمعات، وإنما يوجد تفاعلات وعمليات اجتماعية في تغير دائم وتفاعل مستمر، أما الجمود نفسه في أية ناحية من نواحي الحياة الإنسانية فأمر لا يمكن التسليم به أو الموافقة عليه، إذ يكفي أن ننظر إلى المجتمعات الإنسانية المختلفة من فجر نشأتها لنرى مدى التغير الذي أصابها في جميع المجالات خلال فترات تاريخها.
ولنأخذ على سبيل المثال التغير الذي طرأ على المجتمع الأوربي في القرن السادس عشر لإخراجهم من عصر الظلام إلى عصر النور، بالاعتماد على العلم والعلماء، حيث كان رجال الدين (البابا) يتحكمون بقرارات وتصرفات الناس وكأنهم كالقطيع الذي يتّبِع التوجيهات والأوامر، حيث يؤكد رجل الدين أوغسطين على أنه: (لا خلاص خارج الكنيسة)، لذا فقد نادى عالم الفلك جاليليو جاليلي (بالتخلي عن السلطة السابقة لرجال الدين في الكنيسة «البابا»، والاعتماد على العقل في تدبير شؤون الناس)، مما جعل المجتمع الأوربي يبحث ويستكشف سعياً منه للتطور والتقدم في مجالات علمية وحضارية مقارنةً بمجتمعات أخرى لا تزال رهينةً بتقديس أشخاص أو أفكار عقيمة مما أدى بها إلى التخلف عن اللحاق بمقدمة الدول.
ومن العوامل التي قد تُعيق حدوث التغيرات الاجتماعية في المجتمع ما يأتي:
أولاً/ الأفراد المحافظون الذين يخافون من الجديد غير المألوف ويعجزون عن التكيف معه، لذا فهم يعتبرونه تهديداً لهم ولامتيازاتهم ومناصبهم الاجتماعية.
ثانياً/ تفضيل المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، فمصالهم الشخصية أهم من مصالح عامة الناس، فتجارتهم أهم من توظيف الشباب والفتيات، وهذا يوقعهم في حب الأنا والأنانية المقيتة.
ثالثاً/ المحافظة على بعض العادات والتقاليد وعدم العدول عنها، فربما هذه العادات والتقاليد كانت صالحة لزمن الآباء والأجداد، لكنها لم تعد صالحة لزمن الأبناء، فلكل جيل وله ظروفه وعوامله التي تؤثر به.
رابعاً/ تخلّف البيئة الثقافية، وعدم تقدير المثقفين والباحثين ممن لهم تأثير على أفراد المجتمع.
خامساً/ الجهل بمنافع التغيير وثمراته التي ستعود على الأفراد والمجتمع.
سادساً/ التبعية، أي أنَّ بعض الأفراد ليس لهم رأي بل متأثرون برأي غيرهم.
سابعاً/ تصديق الشائعات والأخبار غير الصحيحة عن مدى سوء التغيرات الاجتماعية.
ثامناً/ عدم الثقة بالنفس في القدرة على مواكبة هذه التغيرات الاجتماعية.
ربما يتساءل بعض أفراد المجتمع إذاً كيف يمكن لنا أن نتعامل مع التغيرات الاجتماعية التي تحدث في المجتمع، لذا فإنني هنا أضع بعضاً من الأساليب أو الطُرق المُثلى للتعامل مع التغيرات الاجتماعية وهي كما يأتي:
أولاً/ التواكب مع التغيرات الاجتماعية وخصوصاً في هذا العصر الذي يتسم بسرعة المتغيرات فيه.
ثانياً/ تعزيز التغيرات الاجتماعية الإيجابية المرغوب فيها لدى الشباب والفتيات.
ثالثاً/ نقد التغيرات الاجتماعية السلبية وتحصين الشباب والفتيات منها.
رابعاً/ بناء علاقة وثيقة بين الوالدين والأبناء، والمعلمين والطلاب، والمعلمات والطالبات، مما يسهل عليهم متابعتهم وتوجيههم عند الحاجة لذلك.
خامساً/ التعامل مع الأبناء بأسلوب تشاوري بدلاً من الأسلوب التسلطي الذي طوى عليه الدهر وأصبح لا يُجدي مع شباب وفتيات هذا الجيل.
سادساً/ تكوين نظرة عقلية متغيرة تتكيف مع التغيرات الاجتماعية التي تتحدث في المجتمع.
ختاماً:
إن لم تتغير فلن تتقدم.
** **
Mosaedsaeed@hotmail.com
@Mosaedalbakhat