د. خيرية السقاف
لا يُفقِد الحليم صبرَه إلا السفهاء حين السفاهة فعلاً, وقولا..
وهذا الذي في العيان على ظاهرة الشمس, تفعله «عظمى» الدول..
فما العظمة إن لم تكن سلوكاً ملتزماً يؤمن بسيادة حق الآخرين في أوطانهم, وبالامتثال لقيم العدل في التعامل معهم, وبتحقيق الاحترام لسيادتهم, وبالالتزام انضباطاً دون تخطي الحدود بينهم, وبضبط غايات في نفوسهم لا تنفلت لاقتحام الدوائر بينهم؟!..
فالعظمة ليست نفوذاً بقوةٍ مال, ولا بإمكانات صناعة عتاد, ولا بثراء مخازن عُدة, ولا بمعرفة ما دون التقيد بعدم التفريط في أخلاقيات التعامل معها,
العظمة إن لم تتمثَّل قيماً, وضوابط, ونزاهة, واعترافاً للغير بحقه في سيادته, وحدوده بكل مناحيها, وتفاصيلها, وأشكالها فهي سطوٌ, وتجاوز, وانتهاك, وسوء أخلاق..
أجل فالدول العظمى تسيء الأخلاق إن لم تتمثَّل قِوامات أخلاق التعامل مع غيرها ممن له السيادة في أرضه, وبين شعبه..
لذا فالسفه حين يكون سلوك دول عظمى لا تتحلَّى بقيم الاعتراف بحقوق دول أخرى فإنه انتهاك لعظمتهم, إساءة لأخلاق تعاملها مع نظرائها في العالم حتى إن كان نظيرهم دولة صغرى لا تتمتع بمثل ما تتمتع به دولهم من مصادر القوة بأنواعها لكنها ذات سيادة ذاتها, فكيف إن جاءت إساءتهم لدول عظمى نظيرة لهم, ومثيلة وإن تختلف مصادر, وأصول, ومرجعيات عظمتها عن مقدراتهم؟!..
في الأيام القليلة الماضية مررنا بسفه سفهاء من هؤلاء..
وكُشح في فضاء سيادتنا وصفونا من غثهم ما كُشح..
ونبقى الأمة العظمى التي اختارها الله لتكون خير أمة أخرجت للناس..
قلوباً عامرة بالخير, وسواعدَ باذلة للبناء, وعقولاً لا تعنى بغير عمارة الأرض, وسلام الإنسان,
نمتثل لعظمة رسالتنا بكل القيم التي لا تعكرها شوائب الفاسدين على الأرض..
في أمانه تعالى وحفظه, ومدِّه وفضله, وحوله وقوته آمنين عزيزين.