أ.د.عثمان بن صالح العامر
أحيانًا تكون النتائج والعواقب المتوخاة من أمر ما على النقيض من القصد والمراد من الفعل المقارف، وهذا ما حصل بالفعل جراء نشر تقرير المخابرات الأمريكية المتعلق بمقتل جمال خاشقجي رحمه الله وما تلاه من تعقيبات وتعليقات أمريكية رسمية باهتة ومكررة، مكشوفة الهدف واضحة الغاية بينة النهاية. وكما أن موضوع وملابسات قضية مقتل خاشقجي رحمه الله ليس بجديد وقد انتهت فيه حكومة المملكة العربية السعودية إلى القول الفصل وصدر الحكم القضائي الذي لا رجعة فيه منذ فترة ليست بالقريبة إلا أن الحكومة الأمريكية الجديدة كانت منذ أول أيامها تلوح وتهدد بالتقرير الاستخباراتي في ذات القضية ليس بحثاً عن العدالة المزعومة وإنما من أجل الابتزاز المعهود القائم على الفلسفة النفعية البراغماتية المعروفة عن هذا النظام الديمقراطي الأعور التي لا يخفي عوره ولا يخجل منه ويوظفه لمصالحه المادية ولو كان في سبيل ذلك إبادة شعب بأكمله واستحلال أرضه وتدمير مدنيته وحضارته.
وظهر التقرير المنتظر تقريراً مخجلاً للجهة التي أصدرته، وفي ذات الوقت صادماً للمراهنين عليه ومخيباً لآمالهم المعقود عليه، فهو مجرد افتراضات وتخمينات لا تقوم على حجج وبينات قانونية قاطعة ودامغة فضلاً عن ركاكته وضعف بنائه الحقوقي.
لقد كان نشر التقرير وما تلاه من ردود أفعال حتى لحظة كتابة المقال بمثابة الاستفتاء في:
- شعبية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان داخل المملكة وخارجها سواء من خلال ما أبانته مواقع التواصل الاجتماعي أو ما أظهرته المواقف الخليجية والعربية والإسلامية الرسمية.
- عقلانية الرئيس الأمريكي الجديد وقدرته مع طاقمه الإداري ومستشاريه لشئون الشرق الأوسط على التميز بين ما يحقق المصالح الأمريكية الحقيقية وبين ما فيه ضرر مستقبلي على التواجد النفعي في المنطقة.
- احترافية الكونجرس الأمريكي وقدرته امتلاك مهارة التفريق الفعلي بين ما يعتبر تقريراً يستحق الاعتماد عليه والإحالة إليه وبناء قرار مقنع عليه، وبين ما هو في عرف القانون مجرد تخمين مبني على تكهنات رغائبية لا تصمد إزاء الحقيقة الجلية ولن تجدي نفعا لمن يريد توظيفها لتحقيق مصالحه الذاتية تحت ستار العدالة المزعومة، فضلاً عن أن التقرير أظهر بجلاء أن ادعاءه من قبل امتلاك ما لم نحط به علماً كان زوراً وبهتاناً.
- وعي الشعب السعودي بحقيقة الادعاءات الأمريكية الحالية التي يراد منها النيل من سيادة حكومة بلاده، ومن ثم التفافه الحقيقي حول قيادته وولاة أمره بشكل لا يمكن اختراقه، وذلك في سبيل ومن أجل دحض كل فرية تمس رموز بلادنا، وقمع كل فتنة يراد بها اختراق صفنا المتراص حتى يظل الأمن شعارنا المرفوع والوحدة الوطنية واللحمة السعودية ديدننا الدائم في الشدة والرخاء وحال العسر واليسر بإذن الله.
- احترافية الإعلام العربي والعالمي المعادي والمنصف والمحايد في كيفية التعاطي مع مثل هذه التقارير البين عورها ومجافاتها الحقيقة، والتي يراد منها بكل وضوح النيل من رموز وقادة بلد مسالم ذي استقلالية تامة وسيادة مطلقة وله تأثيره القوي في الأحداث العالمية سياسية كانت هذه الأحداث أو اقتصادية وفكرية دينية.
- مكانة المملكة العربية السعودية عالمياً وقدرتها على مواجهة الأزمات والشدائد ومقارعة قادتها وساستها الدسائس والأكاذيب بالحجج والبراهين الدامغة بكل شفافية ومصداقية ووضوح.
- ردة فعل المتربصين بنا الدوائر، الذين طال انتظارهم لهذا التقرير الموعود، وقد خيب الكونجرس آمالهم وتكسرت في ظل الحقائق السعودية الدامغة تجديفاتهم وصار الحق - لمن يريد منهم أن يتوب ويرجع - أبلجا في عيونهم بعد أن ران الحقد والحسد والغل قلوبهم، وكانت الغشاوة تحجب الرؤية عن أبصارهم، فاللهم لك الحمد والفضل والمنة.. حفظ الله قادتنا، وأدام عزنا، وأعلا رايتنا خفاقة في كل المحافل الدولية. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.