عبدالله عبدالرحمن الغيهب
ثقافة الاعتذار تكاد لا تُذكر في كثير من المجتمعات ذات الطبيعة والتعامل المتعالي والتربية القاسية؛ إذ تجد الفرد لا يلوي على أحد رماه بسهام الظن؛ فكثيرًا ما يحصل نقاشات، يحتدم القول فيها، ويكثر الخطل بحق قريب أو صديق مما يوغر الصدور، ويحدث الجفاء، ويضعف العلاقة نتيجة الإصرار على التمسك بالمواقف. الخطأ وارد، ولكن تركه دون مراجعة أو اعتذار هو ما يجعله معضلة تهدد أواصر التقارب بالوهن أو الانقطاع إذا لم يبادر أصحاب العلاقة بالاعتذار. والأنكى والأشد ضراوة هو الإصرار على الخطأ، وعدم الاعتذار، الذي يعتبر من أنجع الطرق لذهاب البغضاء، وإعادة الصفاء للعلاقات.
بالتسامح تصفو القلوب، وتعود المحبة بين الأخ وأخيه، والصديق وصديقة، وتبقى النفوس متشوقة لكل حبيب وصاحب.. فالحياة تغدو صعبة دون وجود علاقات راقية وتعامل مهذب.. فالجفاف ليس للأرض وحدها بل الأرواح هي الأخرى تتضرر إذا لم ترتوِ بالكلام الطيب والخلق الرفيع الذي هو من الصفات التي يحبها الله، وامتدح بها رسوله في قوله {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}، وفي حديث صحيح قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
إننا بحاجة إلى بث روح التسامح بين الناس؛ فكم من أسر تباعدت عن بعضها، وبيوت أوصدت، فلا تزور ولاتزار، ولقاءات ومسامرات بين زملاء وأصدقاء غابت.. كل هذا بفعل كلمة أو فعل لم يتبعه اعتذار.
فلنحذر القطيعة التي لا تنطوي على خير.