حمّاد بن حامد السالمي
* سؤالنا منذ الجزء الأول من هذا المقال قائم: متى يصل صوت جماعة الإخوان المسلمين من أنها جماعة تكفيرية إرهابية- وهو الذي جهرت به منذ ظهورها قبل تسعة عقود- إلى حشود (الصحويين الظلاميين) في بلادنا على وجه خاص؛ الذين جعلوا من أنفسهم خدمًا لسادتها، وحطبًا لنيرانها المتأججة ضد الإنسان والأوطان، من أجل الوصول للحكم والسيادة لا أكثر..؟
* صارحني تنويري يقظ كان يتابع المقال الأسبوع الفارط قال: لن تجد أحدًا منهم يملك هذه الشجاعة لعدة أسباب: لأن خيانة الأوطان جرثومة مرضية تجري في دمائهم، ولأنهم يحلمون بخلافة مزعومة حتى لو جاءت تحت راية تركية أو فارسية أو ماسونية، ولأنهم متورطون في التكفير والتفجير وتجنيد شباب الوطن لممارسة القتل والإرهاب بحجة الجهاد المزعوم؛ ومنه الجهاد ضد حكام العرب والمسلمين.
* قلت: فعلًا.. إن تاريخ الارتباط بفكر جماعة الإخوان مليء بالمؤامرات والخيانات والقتل، وهذا وحده كان يكفي لمن له عقل أن يتعظ ويتوب ويؤوب إلى رشده. دبروا حادث المنشية الشهير في الإسكندرية سنة 1954م لمحاولة قتل (الرئيس المصري جمال عبد الناصر) ففشلوا، وكان هذا الحادث نقطة تحول في التعامل معهم من قبل السلطات في مصر، وكانوا قد اغتالوا القاضي الخزندار، ورئيس الوزراء محمود النقراشي، والشيخ محمد الذهبي، وفرج فودة، ورفعت المحجوب، وغيرهم. وعندما خرجوا إلى بلدان عربية وإسلامية ومنها بلادنا، تمكنوا من مفاصل التعليم العام والجامعي، والجمعيات الخيرية، والإعلام، وغرسوا فكرهم الماسوني التخريبي في جيل أول وثانٍ وثالث، ممن اغتر بهم، وصدق خطابهم الكاذب الذي اتخذ صبغة دينية. رأينا كيف هجّروا الخيرية السعودية إلى خزائنهم وصناديقهم في عواصم أوروبا وأميركا، وكيف استخدموا منابر الجمعة لتكفير خصومهم، وتنفير الناس من حكامهم وعلمائهم. كانت لهم مخيمات دعوية للشباب لغرس فكر الخروج، والتدريب على السلاح، والشحن النفسي حتى ضد الأسر والقرابات. رأينا الكثير وقلنا الكثير وقت ذاك؛ وجوبهنا بما الله به عليم. وما زلنا.
* هناك الكثير مما هو مشهور ومنشور؛ يفضح هذه الجماعة الحزبية السياسية، ويأتي في معظمه من قياداتها وكوادرها. من ذلك ما قال به (علي عشماوي)؛ القيادي السابق في التنظيم الخاص في مذكراته عن سلوك هذه الجماعة التي عمل معها لسنوات ويعرفها عن قرب. قال: (الإخوان يجيدون إيذاء كل من وقف معهم فترة من الزمن، إذا حدث واختلف معهم مرة، فقد ساعدتهم السعودية وقطر والكويت والكثير من الدول العربية، فما كان منهم إلا أن أساءوا إليهم وطعنوهم وانقلبوا عليهم. فعلوا كذلك مع الدول التي آوتهم وأحسنت وفادتهم. كان المدرسون منهم في جميع هذه البلدان؛ يجندون الشباب، ويشحنونهم ضد حكامهم وبلدانهم حتى ينقلبوا عليهم، وكلما وجدوا فرصة للانقضاض انتهزوها. لقد راقبوا جميع حكام الدول العربية التي عملوا بها وفتحت لهم أبوابها، كما جمعوا عنهم معلومات..؟! واستعملوا تلك المعلومات ضدهم أحيانًا، أو للسيطرة والحصول على مزايا ومواقع في تلك الدول. لقد تعاونوا مع جميع الحكام ما داموا يحصلون على ما يريدون، ثم ما يلبثوا أن ينقلبوا عليهم حين تختلف المصالح).
* كيف- وحتى اليوم- لم يفهم الأتباع من (الصحويين الظلاميين) هذا النهج التكفيري الإرهابي لجماعة الإخوان..؟! وهم يرونهم يقفون مع الثورة الخمينية، ويناصروا غزو صدام حسين للكويت وتهديده للسعودية، بل يزورون صدام حسين في بغداد، فيشكو لهم ضائقته المالية بعد حربه مع إيران، فيفتونه بقولهم: (سم بالله وكل مما يليك)..! الكويت وما جاورها..! وزد على ذلك؛ أنه بعد أحداث 11 سبتمبر؛ هاجم وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز- رحمه الله- جماعة الإخوان، وانتقد رموزهم مثل: (حسن الترابي، وعبد المجيد الزنداني، ونجم الدين أربكان، وراشد الغنوشي)، في لقاء صحافي مع جريدة السياسة الكويتية في 23 نوفمبر 2002 م قائلا: (إنَّهم- الإخوان- هم أصل البلاء، ومصدر كل المشكلات، وإنَّهم تسبَّبوا في مشكلات جمَّة للمملكة. إن الإخوان لما اشتدَّتْ عليهم الأمورُ؛ لجؤوا إلى المملكة، فتحملتهم وصانتهم، وفتحتْ أمامهم أبوابَ المدارس والجامعات، لكن مع الأسف؛ لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فأخذوا يجنِّدون الناس، وينشئون التيَّارات، إنهم أساءوا للمملكة كثيراً). وقال: (عندما غزت العراقُ الكويتَ؛ جاءنا علماء كثيرون من الإخوان المسلمين، فاجتمعوا بالملك وبولي العهد وقلنا لهم: هل تقبلون بغزو دولة لدولة..؟ وهل الكويت تهدِّد العراق..؟ قالوا: والله نحن أتينا فقط لنسمع ونأخذ الآراء، بعد ذلك؛ وصلوا إلى العراق، ونفاجأ بهم يصدرون بيانًا يؤيد الغزو العراقيَّ للكويت)..! وبعد ذلك ومن قبل؛ كانت هذه الجماعة ضد المملكة العربية السعودية ومع أعدائها حتى اليوم، فوقفوا مع الحوثيين، ومع إيران، ومع تركيا، ومع التفجيرات والعمليات الإرهابية التي استهدفت العاصمة السعودية والمدن الأخرى، بل هم من أفرز منظمة القاعدة الإرهابية، وداعش، والنصرة، وابن لادن، والظواهري، والزرقاوي، والبغدادي، وخلافهم من خونة الأوطان وقتلة الإنسان في كل زمان ومكان.
* كان يكفي القوم - ليفيقوا من غفوتهم لا صحوتهم- أن دولتهم- المملكة العربية السعودية- أعلنت موقفها من هذه الجماعة التكفيرية الإرهابية في يوم 7 من شهر مارس من عام 2014 م وذلك في بيان لوزارة الداخلية قال: (إن جماعة الإخوان المسلمين في السعودية وخارجها جماعة إرهابية، هي وتنظيمات أخرى). وجرّم البيان كل من ينظم إليها أو يمولها أو يؤيدها أو يُبدي التعاطف معها أو يستخدم شعاراتها أو يتواصل معها أو يستخدم رموزها كإشارة رابعة العدوية مثلا ً في مواقع التواصل الاجتماعي أو خارجها. ثم ما لبث أن جاء تأكيد آخر من أعلى مؤسسة دينية في المملكة في بيان لهيئة كبار العلماء أكد بكل وضوح؛ (أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين، وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب).
* السعودي الإخواني الوحيد الذي رأيته ملك شجاعته، وانتصر لذاته ودينه ووطنه، فأعلن توبته وأوبته من هذه الجماعة التكفيرية الإرهابية؛ ثم كشف برنامجها الخبيث داخل السعودية هو: (خالد السبيعي). من لنا بمثله من آخرين كثرة؛ نعرفهم بأسمائهم وصورهم؛ ما زالوا يلوذون بالصمت المريب، والخفوت المعيب..؟