يبدأ الفيلم بمشهد لنهاية مأساوية اختارتها امرأة خمسينية مصدومة ويائسة، تصرخ بحرقة: كيف يمكن أن أكون غبية لهذه الدرجة؟! تبعتها بالقفز من فوق سطح أحد المنازل ولم تجد معها محاولات الشرطي المتعاطف لثنيها عن الانتحار!.
تدور أحداث فيلم A Fall from Grace» 2020» في إطار الميلودراما والإثارة. غريس ووترز التي تجاوزت منتصف العمر، على الرغم من كونها امرأة نبيلة وذات قيم وحس ديني وإنساني، وفوق ذلك ناجحة في حياتها المهنية، وأماً لشاب تزوج للتو، إلا أنها لا تزال تعاني من آثار الصدمة وشعور مرير بالإحباط والخيبة الشديدتين من جراء انتهاء علاقتها بزوجها السابق على نحو مخيب، بعد أن استولى على بيتها ليعيش فيه مع عشيقته الشابة. ازدادت حدة هذا الشعور مع انفصال ابنها وابتعاده إثر زواجه. تبوح غريس بكثير من مشاعرها البائسة لصديقتها المقربة سارة فتجد منها دعماً عاطفياً ومساندة، ومنها تشجيعها للسماح بتجربة علاقة جديدة في حياتها. ولكن غريس في كل مرة تقابل هذا العرض بالسخرية والاستهجان.
يقتحم حياتها شاب يصغرها كثيراً بالعمر، وعلى الرغم من تحفظها معه إلا أنه نجح (بعد محاولات منه، وبتشجيع من صديقتها) في استعادة قلبها المحطم، بعد أن أعاد لها إحساسها الجارف بأنوثتها المفقودة، من خلال شخصيته المفعمة بالرقة البالغة، والتفهم، والرومانسية معاً.
أبت غريس إلا أن تكرر تجربتها الزوجية المريرة السابقة من خلال مجموعة من الأحداث الصادمة والمتتابعة، تكتشف من خلالها أنها كانت مخدوعة حتى النخاع!.
وبعد أن تتهم بقتل زوجها، وتقر بذلك، تتابع أحداث الفيلم بشكل مدهش من خلال تحركات محاميتها الشابة (زوجة الشرطي المشاهد في أول الفيلم) وهي محامية لم تثبت كفاءتها بعد، ولم يسند لها رئيسها قضية جنائية قط، وإنما أوكلت لها قضية غريس المنتهية في الأصل لتتم محاكمتها بصورة روتينية وفورية.
تستسلم غريس من خلال صمتها الغامض، ورفضها التراجع عن الاعتراف، مقتنعة بأنها مجرمة، ولا تستحق الحياة، وإنما عليها الآن الحفاظ على ما تبقى لها وهي قيمة الأمومة.
هذا الصمت الغامض حرك التعاطف وأثار الفضول لدى المحامية الشابة، فلم تكف عن محاولتها مع غريس للإفصاح عن مجريات ما حدث لها، بعدها تتسلسل أحداث الفيلم بصورة غير متوقعة.
وحين تفشل المحامية في الدفاع عن موكلتها، تقودها قدماها على نحو غير مرتب له، إلى قبو مظلم ومهجور، هنا تكمن المفاجأة الصادمة فقصة غريس ليست فريدة من نوعها، ولم تبدأ معها بل مرت بها المرأة التي انتحرت بصورة مرثية في المشهد الأول من الفيلم، وهناك المئات منهن! مكبلات ومحرومات من الحياة بأكملها!.
الفيلم يوجه رسالة تحذيرية مبطنة للمرأة؛ إذ يستغل المخادعون الأنثى وإن كانت راشدة ولا يمنعهم من المحاولة كونها ناضجة أو حتى بلوغها مرحلة متقدمة من العمر، وذلك بالتلاعب بعواطفها واستغلال احتياجاتها النفسية الى الحب، والتقدير وكنف زوج ودفء أسرة!. تتم ممارسة الخداع والابتزاز مع المرأة المحرومة مقابل جرعة قاتلة من حب زائف، لتتحول حياة المرأة من النعيم إلى سقوط لقاع الجحيم.
تنبيه: الفيلم يحوي عددا من المشاهد الخادشة للذوق العام.
** **
- هدى مستور