ـ كنتُ ضمن الذين حضروا العرض الأول والأخير لمسرحية (الذيب في القليب) على مسرح جامعة الأميرة نورة ضمن فعاليات موسم الرياض العام الماضي، تأليف خلف الحربي، وبطولة (ناصر القصبي، راشد الشمراني، عبدالإله السناني، حبيب الحبيب، ريماس منصور، هبة حسين، عبدالمجيد الرهيدي)، وللتاريخ ستظل هذه المسرحية صفحةً ناصعة البياض في مسيرة المسرح الاجتماعي الجماهيري السعودي، لأنها أول مسرحية اجتماعية جماهيرية دخلها الجمهور عن طريق الشباك بعد غياب ما يقارب ثلاثة عقود توقف فيها هذا النوع من المسرح، ولأنها لأول مرة تعتلي المرأة الممثلة خشبة المسرح السعودي إلى جانب الممثل وهي حالة فنية غير مسبوقة، إذا نظرنا ذلك على أنه اعتلاء مسرح اجتماعي جماهيري عن طريق الشباك، فالمرأة في السابق كانت ممنوعة من التمثيل المسرحي في الوقت يراها المشاهد التلفزيوني ويسمعها المستمع الإذاعي، وكانت مشاركتها في الحراك المسرحي قبل نحو 50 عاماً، بواسطة ممثلين الرجال يؤدون دورها، يلبسون لباسها لأداء دور الأم أو الفتاة وفق النص، وعندما نعود للماضي نجد أن تاريخ الدراما التلفزيونية السعودية بدأت مع بدايات الستينيات الميلادية من القرن العشرين تزامناً مع تأسيس التلفزيون السعودي الحكومي في العام 1964م، حيث ظهر مجموعة من الممثلين والممثلات الهواة الذين تخطوا ضعف الإمكانات وتحدوا محيطهم في زمن كان المجتمع لم يستوعب بعد أهمية الفن الدرامي ودور الفنانين، أما المسرح فقد سبق التلفزيون في تقديم الممثلين لكن بلا ممثلات، حيث كانت العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة وعدم الإقبال بشكل عام هي التي أعاقت ظهور المرأة كممثلة على المسرح مع الرجل، وبالعودة للحاضر نجد أن المسرح السعودي دخل مرحلة جديدة مع جمهوره، حيث جاءت مسرحية (الذيب في القليب) بمشاركة نسائية على مدار (40) عرضاً، كل عرض لا يقل الحضور فيه عن (1500) متفرج، وفي حضوري لعرض الأول توقعت أن يقابل ظهور المرأة بصفير الرفض وعدم والقبول، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، حيث قوبلت بالتصفيق والترحاب، وقد يكون لهذا الخطوة الحديثة بين مشجع ومتحفظ ورافض، لكن لا يهم ما دام الصعود النسائي للمسرح قد حصل وحالفة التوفيق.
تدوينة: الذيب في القليب مثل شعبي قديم يشير إلى حالة وقوع وحدوث الشر في مكان ما، وجب التنبيه إليه.
** **
- مشعل الرشيد