عهود المالكي
الاسم: بيبي بلوم، النوع: رينج روفر، بلد المنشأ: المملكة المتحدة، مسرح الحكاية أرض الوطن وأمام الفندق الذي كنت أسكن فيه. الوقت صباح الجمعة عندما حاولت أن أوقف سيارتي في موقف مغاير عن موقفي المعتاد فقط من باب تجريب مهاراتي في القيادة كسائقة مبتدئة. على جانبي الموقف عمودان لا أعرف ما الحكمة منهما إلا إشعال الحماس في سائقة مبتدئة تسعى لإدخال سيارتها بينهما وهي تعرف بأنها غير جاهزة لذلك.. حرَّكت السيارة باتجاه الموقف وحدث ما كنت أخافه: احتكت السيارة بالعمود الأيمن للموقف تاركة خدشاً كبيراً في السيارة.
ولشخص مثلي يؤمن بأن الكون محمَّل بالرسائل، منعت نفسي من الغرق في موجة الانزعاج وسمحت لها بتأمل الموقف والبحث فيه عن رسائل للنمو والحكمة، فأتت على النحو التالي:
أولاً : لم أكن جاهزة لأقف في هذه النوعية من مواقف السيارات، ومع ذلك فعلت في محاولة لمواجهة ما أخاف، ونسيت أننا في التجارب الجديدة أياً كان نوعها نكون - مجازاً - على الحافة (edge) وعندما ندفع أنفسنا أكثر مما ينبغي لن يكون أمامنا سوى السقوط وهذا ما حدث معي.
ثانياً : كنت منهمكة بإدخال سيارتي وإخراجها في ارتباط بالنتيجة، والأولى كان ينبغي أن يكون في التركيز على إتقان فن الوصول للنتيجة بأمان وبأقل عدد ممكن من الخسائر. وقتها، كنت أعتقد أنني وحدي وخائفة ولا أعرف كيف أتعامل مع الموقف في ظل عملي بعيداً عن عائلتي، فاتخذت قراراً أساسه الخوف، والحقيقة الوحيدة الصحيحة هي أنني لست وحدي، وفي أمان وأعرف كيف أتعامل مع الموقف، وقراري كان ينبغي أن يرتكز على الحب والثقة المطلقة في حكمة الكون الذي أعيش فيه.
ثالثاً : لا يوجد سبب ملح لإيقاف سيارتي في ذلك الموقف في ظل وجود مواقف بديلة وأكثر أمانا لسيارتي حتى لو خانتي الدقة عند إيقاف السيارة. فتعلمت أن أسمح لنفسي بطرح الأسئلة الثلاثة قبل الإقدام على أي شيء : هل هناك ضرورة؟ هل هناك بدائل أكثر ملاءمة لي؟ هل هذا فعلاً ما أريد؟
رابعاً : كنت أعرف أني غير مستعدة لأن أوقف سيارتي في ذلك الموقف ومع ذلك فعلت. فأدركت أهمية أن أستمع لصوتي الداخلي وأثق به، فنحن نعرف جيداً إذا ما كنا جاهزين لخوض أي تجربة، وأنا وقتها كنت أعرف أني لم أكن جاهزة ولكني اخترت تجاوز صوتي الداخلي.
أخيراً : لم يكن الموقف ذو الأعمدة يستحق المغامرة بإدخال سيارتي فيه، وما سأخسره في إثبات أني أتقن إيقاف سيارتي باحتراف أكثر مما سأكسبه، فأدركت أن تقدير قيمة ما أملك وقيمة ما أحاول إقحام نفسي فيه فن عليَّ إتقانه.
الحقيقة، أن بيبي بلوم في الحكاية هي أكثر بعداً من أن تكون سيارة رينج روفر. هي نحن عندما نقحم أنفسنا في علاقات أو وظائف أو صداقات تأتي أقل منا، ونحن ندرك قبل الإقدام والدخول فيها أن قيمتنا أعلى - مجازاً - من قيمة موقف ضيق بعمودين غريبين. أخيراً، اسم السيارة جاء رداً على مدرب السواقة الأمريكي الذي بدأ درسه قبل سنوات قائلاً : «السيارات أداة موت»، ناسياً أنها قد تكون جناحاً للتحليق على الطريق.