ميسون أبو بكر
للجنون فنون كما كانت تقول جدتي، وحال وسائل التواصل ومهابيلها اليوم مضحك مبكٍ، فمن خلافات وتراشق بالألفاط وقذف وذم إلى طلاق معلن، إلى تباهٍ بالشذوذ، والخارج عن المألوف وعن ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا والمثل الأخلاقية والقيم الدينية، يعني - السوشيال ميدبا- اليوم أصبحت ساحة لنشر الغسيل دون حياء ولا وعي أو مراعاة للباقة التعامل مع الآخر.
الأمر المروع أننا أشرعنا أجهزتها لتفاهاتهم، وتابعهم معظمنا وأخبارهم التافهة ونزاعاتهم التي لا تنتهي، فهم أخذتهم الغرة بالسفاهة وتفاهة المحتوى، والجمهور الكريم يتابع ويعلّق وينتظر المستجدات والتطورات ويتناقل الأخبار في المجالس وعبر الواتس أب وقد تصل قصصهم إلى ترند بملايين المشاهدات.
حتى كورونا على عظم مصيبتها وما أحدثته في العالم لم تردعهم عن الأخطاء التي يرتكبونها ويتباهون بها، بل بسبب توقف السفر والسياحة والمؤتمرات التي كانوا يدعون لها -خطأ- ومن ثم (هياطهم) ومبالغتهم التي أضرّت بمجتمعنا وصغار السن الذين يتأثّرون بهم بسرعة زاد - هبالهم- وحكاياتهم، ولم يعتبروا بالنائبات التي يمر بها العالم.
أعتقد بل أكاد أجزم أن المجتمع هو السبب الرئيس لهذه الفوضى وتمادي هؤلاء لأنه بمتابعتهم أكسبهم شهرة أكبر، وتضخم للذات وتمادٍ وتباهٍ أحياناً كثيرة، وهم يحاولون كسب متابعين كثر لزيادة نصيبهم من عائد الإعلانات التي يضللون بمعظمها الناس.
Clubhouse تطبيق جديد أضيف لعائلة السوشيال ميديا، وهناك لغط حول فائدة التطبيق والمواضيع التي تطرح من خلاله، وهجره البعض منه بعد فترة قصيرة من بدايته.
وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت خفايا في المجتمع كانت مستورة وغير ظاهرة للعيان رغم وجودها، هي مرآة عكست حقيقة البعض، ولعل هناك فرقاً بين الغرب وشرقنا العربي في استخدام وسائل التواصل، حيث أدمنّاها واستبدلنا فيها واقعنا، بينما انشغل الغرب في واقعه وحاضر هو مستقبله.
أخشى أن تنطفئ يوماً كهرباء هذه الوسائل وننظر لمن حولنا فنجدهم غرباء عنّا ويصبح من الصعب الاندماج بالواقع وتقبل الحقيقة.
أعتقد أننا بحاجة لمراكز علاج نفسي من إدمانها ومن آثارها الجانبية على المجتمع، والبقية تأتي..