التغير في الحياة سنّة من سنن الله الكونية، ولا شيء في الدنيا يبقى على حاله، لا الصغير يظل صغيرًا ولا الشاب يستمر شابًا، ولا فرح يدوم ولا حزن أبدي...، وما نشاهده في هذا الزمن من تغيرات كبيرة ونقلات نوعية على الأصعدة كافة وفي مختلف مجالات ونواحي الحياة دليل واضح على ذلك.
ومع إيماننا بسنة التغيّر والتغيير، وأن المجتمع بطبيعته ينسجم ويتأقلم مع المتغيرات التي تطرأ عليه، بل قد يكون المجتمع هو الدافع والمحرك لهذا التغيير إلا أننا نجد في ثنايا هذا المجتمع بعض من لا ينسجمون مع هذه المتغيرات بغض النظر عن نوعها ودرجتها وشكلها، فيهربون منها إلى الماضي قدر الإمكان، ولو سألت أحدهم عن الأسباب التي تمنعه من الاندماج في هذه المتغيرات، ولماذا يهرب من الحاضر إلى الماضي لوجدت لديه مبرراته الخاصة، بغض النظر عن كونها مقنعة أو غير مقنعة.
والعجيب في الأمر أن بعض من لا يتأقلمون مع التغيير، ويحاولون العيش في صورة الماضي هم من فئة الشباب، بل قد يكونون من الجيل الذي لا يعرف عن الماضي إلا الأخبار والحكايات! ويتجلى ذلك في مظاهر كثيرة منها طريقة اللباس والمعيشة، وجمع المقتنيات القديمة واستخدامها.
لماذا يا ترى؟ ما الذي وجدوه في واقعهم ولم يرق لهم؟ ما الذي يجعلهم يتمسكون بأشياء أصبحت من الذكريات، ويمارسون عادات وتقاليد لم تعد موجودة إلا في الحكايات والروايات التي يرويها كبار السن والقصاصين؟ هل الماضي أكثر إشباعاً للذات؟ هل هو أكثر عطفاً ودفئاً من الحاضر؟ أم أن الشخصيات الماضية أكثر تأثيراً وجذباً؟
هل يملك الشاب المختبئ في صفحات الماضي إجابة لهذه الأسئلة؟ أم أنها لا ترد على باله أصلاً لأنه لا يبالي بها بقدر رغبته القوية في استشعار واجترار الماضي الذي أصبحنا جميعاً نسميه بـ (الزمن الجميل)؟.
أسئلة وتساؤلات عديدة تطرح نفسها باحثة عن إجابة...