خالد بن حمد المالك
مرتْ أسابيع منذ بدء سريان المصالحة بين قطر والدول الأربع المقاطعة لها، وبذلك طُويت صفحات السنوات التي كانت مشحونة بالخلافات، مسنودة هذه المصالحة بتوافق ارتضاه قادتنا للخروج من النفق المظلم إلى رحاب العلاقات الأخوية الصادقة والمخلصة بين قطر وكل من المملكة والإمارات والبحرين ومصر.
* *
وكان من الواضح أن المصالحة تمت على عجل، وأن حسن النوايا، والرغبة لبناء أوثق العلاقات الأخوية، وتجاوز كل ما كان مصدرًا للخلاف، بروح من الرغبة المشتركة لمعالجة كل أسباب الفرقة، والبدء بمرحلة جديدة من العلاقات، هو ما سرَّع بالتوقيع على إعلان العُلا وعقد اجتماع القمة الخليجية في العُلا، والإعلان عن ما تم الاتفاق عليه.
* *
وقد أظهرت لشعوب دولنا الخليجية إثر إعلان العُلا مؤشرات على تصميم وعزم جميع دولنا في تطبيق ما تم الاتفاق عليه، بروح من المسؤولية، وحرص على تنفيذ ما تم الالتزام به، محاطًا باستقبال وترحيب شعبي خليجي عارم، عبَّر عنه الجميع بكل وسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، وتصريحات المسؤولين في كل دول الخليج، بما فيها التي لم تكن طرفًا في هذا النزاع.
* *
وكان الاستثناء الوحيد بين كل القنوات قناة خليجية واحدة لم تلتزم بهذا الدعم الإعلامي الخليجي، ولا زالت تغرِّد خارج سرب دعم هذا التوافق، وتقدم من البرامج ما يمكن فهمه على أنه عمل إعلامي عبثي ضد ما تم إنجازه خليجيًا في مشوار المصالحة التاريخية التي هي مطمع ومطمح دولنا بقادتها وشعوبها.
* *
فبرامج هذه القناة لم تتغير عمَّا كانت عليه من قبل، فلا زالت تركِّز على ما تسميه انتصارات حوثية في المعارك اليمنية، وتنقل بالتفاصيل كل ما يصرِّح به قادة هذه الميليشيات، بل وتجري الحوارات المستفزة مع قادة الحوثيين، فضلاً عن أنها تعطي اهتمامًا غير مبرر بكل ما تنشره وسائل الإعلام الأجنبية من إساءات لدول أو بعض دول مجلس التعاون.
* *
هذه القناة تركز في برامجها على ما يخدم إيران وتركيا، بصرف النظر عن تعارضها مع مصالح دولنا الخليجية، وهي بهذا لا تتناغم مع أهداف وتوجهات وأجندة وسياسات دول الخليج، وكأنها مغَيَّبة عن قرار المصالحة، بل وكأنها تمارس عبثًا إعلاميًا متعمَّدًا، مع أنها تعرف أنه لا يخدم سوى من يبيِّت لنا الشر الآن أو مستقبلاً.
* *
إن توظيف ولو قناة واحدة في تخصيص برامجها بما يتعارض مع ما تم الاتفاق عليه، سواء جاءت هذه البرامج موجهة بشكل مباشر، أو عن طريق الحيل، أو من خلال الحياد المزعوم، مع ما في هذا الحياد من أضرار باستخدام التمويه من خلال نقل ما يقوله الحوثيون مثلاً مقابل ما يتحدث به النظام اليمني الشرعي.
* *
لاحظوا أن هذه القناة لا تنشر ما يمس مصالح تركيا وإيران، أو يتعارض مع سياساتهما، بل إنها تركز عن قصد وتعمد في الترويج لرسائل الدولتين، وأحيانًا في نقل مباشر لكلمات قادتهما، ومؤتمراتهما، وتتابع باهتمام كل نشاط أو حراك يجري فيهما، وكأنها تريد أن تؤكد إصرارها على عدم التناغم مع قرار المصالحة التاريخي.
* *
خلاصة القول.. أرجو ألاَّ تنساق بقية القنوات الخليجية وتحاكي هذه القناة، فمصلحة دولنا تقتضي من كل وسائل الإعلام أن تقف معًا في مواجهة التحديات والمؤامرات التي تمر بها المنطقة، وعدم استغلال قنواتها وبقية وسائل إعلامها إلا بما يخدم مصالح وأهداف دولنا مجتمعة.