مها محمد الشريف
باتت مواقع التواصل مسرحاً كبيراً يتسع لكل المشاركين فيها للإدلاء برأيهم فيما يدور حولهم من أحداث، فقد أصبح للشبكات الاجتماعية طرق ومسارات وتسلسلات هرمية للمعرفة ودور في التعبير عن الاتجاهات والأفكار كافة داخل المجتمع مع إدراك أهمية الحوار والتواصل، وتحولت من نقل الخبر إلى رأي عام ووسيلة لها دور في معالجته ومتابعته وإثارة ردود الأفعال حوله مع القدرة الهائلة على الانتشار في سياقات متعدِّدة وجملة من النشاطات بين الفرد والنخبة والجماهير تسانده وتدعم توجهه الصحف والفضائيات والوسائل المتعدّدة والمتنوِّعة، وذلك يمنحها الأهمية ويكثف من حجم المواد المنشورة وتأثيرها ويصنع مادته الإعلامية بطرح وجهة نظره وتحيزاته ومواقفه عبر الشبكات الاجتماعية الأخرى.
فمن المتعارف عليه أن لكل موقف من مواقف الحياة سياسة ومنهج في البحث والطريقة، في الوقت الذي تمثّل فيه السياسة الشغل الشاغل للدول والشعوب في عالم معقد، لا تستطيع أن تنظر إليه من زاوية واحدة، وذلك جعل الأمر أسوأ مما يعتقد المرء، وله كيفية يتعذّر الفهم المنطقي للأحداث، إذ من الصعب صياغة الواقع دون التقديرات السياسية، له دوافع وتيارات واتجاهات تكون الرأي العام عن القضايا الحيوية المختلفة من ثم يحاول إعادة بناء صور جديدة لهذا الواقع علّه يلتقط شيئاً من الحقيقة، ومزيد من الدراسات المتعمقة التحليلية والميدانية لرصد الأحداث.
من هنا اتفق الكثير أن ما يحدث عوامل متصارعة يطرح فيها رأيًا أو موضوعاً للنقاش أو للحوار في مواقع التواصل الاجتماعي التي اقتحمت عالم السياسة فتناولت النخب السياسية والنخب الإعلامية وقدر ضئيل من سجال عن النخب الفكرية، والواقع يفرض استثمار الشبكات الاجتماعية بشكل إيجابي لكونها فرصة لقبول التعددية والحث على التسامح والتعايش مع الاختلاف الديني والثقافي وخطاب العقل الذي يسير نحو الصالح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بالتالي يتشارك الكثير في قضايا مهمة والبعض الآخر يركز على التفاصيل فينبش في التاريخ كضرورة لازمة من أجل صيانة عمل التشريع للقوانين، ويترك الحاضر وما يحمله من تبعات، فلا يطرحون الأسئلة التي ينبغي أن يطرحوها.
هكذا تبدو الناس عندما تتسارع الأحداث وتتغيّر مواقف الحكومات وتتباين السيطرة والانضباط وتتبدل العهود والمواثيق، فهي في الواقع نقاط كثيرة محل استشراف وبحث، أمام نتائج حروب استباحت المفاهيم والتاريخ والجغرافيا يشير كل جانب منها إلى القلق والريبة وإمكانية الوقوع في الخوف من انفلات الهيمنة من الأقوياء ودحضها بالأدلة عبر وسائل الإعلام ونشرها في سلسلة من الأكاذيب والإدانات وهجوم افتراضي وعلاقات دبلوماسية في الخفاء وذلك يعني أن كل إدارة سياسية تبث عبر وسائلها حكاية، وكأنها الحرب الضروس ثم ينتهي كل شيء في سرديات الصدام الظاهر والقناعات الخفية.
لذا، ما يجري يجعل المرء يشكك ويفرض تحدياً آخر، فهل علينا طرح السؤال التالي: ما الذي ينبغي أن يفعله الناس بشأن تضارب الأحداث وتكرار الأخبار على المشاهد والمتلقي، فالمسألة اليومية هي الشرق الأوسط وإيران وأمريكا عناوين تتصدر المواقع ويشارك بها الناس، فيقول البعض لا نعلم ماذا تريد إدارة بايدن هل هو ضد إرهاب إيران والعقوبات أم مع الاتفاق النووي ويؤيِّد التفاوض معها حول العودة للاتفاق النووي دون شروط مسبقة.
لكن، لا يبدو أن الوضع مقنع فهو يثير قلقاً كبيراً في المنطقة ومن القراءة لكل الأحداث السياسية الحاضرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تبثها الفضائيات لإرسال رسائل مشفرة لتكوين رأي عام للأغلبية العظمى تستدرج المرء إلى قلب الحدث، حيث أجوبة دون مساءلة، وذلك لغاية لا ينقاد إلى تحديد موقفه ويطالب عقله بأن تخمد الأزمات السياسية المولدة للإرهاب المنظم وأهدافه وإنهاء الاستعمار والاحتلال والأطماع التوسعية، وهو الوضع الذي قاد إلى تدهور السلام والاستقرار والمساواة بعدم الاعتراف بإرهاب إيران الذي يربك الحقائق ويستحضر الأسوأ مهما كان مضمون تلك الرسائل ومغايرتها نحو الانعطاف عن الفهم الواضح الذي ينتهجه العقل، المراد استنباطه مما سبق أن أمريكا وأوروبا يريدون إعادة إيران إلى النظام العالمي فكل يوم قصة وحكاية وتقرير ومتحدثون عبر التلفزة ووسائل أخرى للوصول للنتائج المتوخاة التي يتم فرضها على أرض الواقع، وقد ركز الرأي العالم العالمي على المتناقضات نفسها فأصبحت حديث الساعة يتتبعها المرء بدقة عبر وسائل الإعلام.