رجاء العتيبي
د.نعمان كدوة، أستاذ المسرح بجامعة الملك عبد العزيز، ممثل متمكن، له صولات وجولات على مسرح الجامعة، وفي مهرجان الجنادرية المسرحي، رفقة زميليه: عبد الله باحطاب، ود. شادي عاشور، لم يستمر طويلاً في مجال التمثيل، رغم موهبته النادرة، ترك التمثيل، وآثر الدراسة الأكاديمية بديلاً، لعله يقدم شيئاً يرضي تطلعاته في مجال الفنون المسرحية.
انقطع د. كدوة سنوات، ثم عاد ليقدم نفسه باحثاً متخصصاً في مجال الفنون والأدب المسرحي، من خلال بحوث علمية كتبها في هذا الشأن، أبرزها بحوثه حول فن الأوبريت التي قدمت إجابة وافية عن ماهيته، بعد أن تجاذبت هذا الفن الآراء يمنة ويسرة زمناً طويلاً، لهذا تأتي أهمية بحثه (الأوبريت الحديث من الإرهاصات إلى الاكتمال) الذي نشره مؤخراً، في تحديد ملامح الأوبريت وفصله عن بقية الفنون الغنائية الأخرى التي عادة ما تكون موضع خلط عند البعض.
والنموذج الذي درسه د. كدوة هو (أوبريت أورفِيـُوس والعالم السفلي) لـ(أوفن باخ)، يعطي بوضوح سمات الأوبريت ويؤصل له، بحيث لا يختلط مع فن آخر، ويزيل اللبس عن هذا الفن الذي ما زالت هويته موضع نقاش مستمر.
ويشير د.نعمان إلى أن تشكل ملامح الأوبريت انطلقت مع (أوفن باخ) المؤسس الفعلي للأوبريت في القرن التاسع عشر الميلادي بعد أن أعطاه هويته وجوهره وعناصره بالشكل الذي يعرفه العالم اليوم، المعتمد على قصة درامية وفصول ورقص وغناء واستعراض وموسيقى وحوار وملابس وماكياج بشكل فرائحي به شيء من الكوميديا الساخرة التي تصنع (البهجة في المكان).
والأوبريت كلمة (مصغرة) جاءت من (أوبرا) أُنتـُزِعت منها اسماً ومعنى، حيث الأوبرا خاصة بالطبقة الأرستقراطية، فيما أراد الموسيقي (أوفن باخ) أن يكون الأوبريت لعامة الناس، بوصفهم يستحقون الفن كما يستحقه غيرهم.
وتأتي نتائج البحث لتؤكد أن الأوبريت قائم على بنية درامية ذات مضمون، وبدونه يفتقد جوهره، ويصبح مقطوعات غنائية راقصة فحسب، وأن أول من شكل ملامحه هو الألماني المولد، الفرنسي الهوية (أوفن باخ)، وهو موسيقي وملحن، منحه نابليون (الثالث) الجنسية الفرنسية وحق المواطنة، العام 1860م، والأوبريت منذ تأسيسه عملاً شعبياً مليئاً بالبهجة والفرح والسخرية، بإزاء الأوبرا المليئة بالهيبة والأوبهة، الخاصة بالطبقة العليا.