عمر إبراهيم الرشيد
لعبت هوليوود ومثيلاتها من دور الإنتاج السينمائي في رواج هذه الشخصية المسماة بهذا الاسم، وهي التي تتصف بالتوحش أو أنها أقرب إلى المسخ، فيمشي هذا الـ(زومبي) بلا هدف وببلاهة ووحشية في نفس الوقت، إما لمرض أو مس أو إفاقة بعد الموت وليهاجم أول من يواجهه ويأكل من جسده، حسب ما روجت وتروج له دور السينما وشركات إنتاج أفلام الكرتون للأطفال. لكن شخصية حقيقية حملت هذا الاسم في القرن السابع عشر الميلادي وتحديداً في البرازيل، ساحرة الكرة كما يعرفها العالم والبلد النامي اقتصادياً والغني بثرواته الطبيعية وتعداد شعبه الكبير. ومعروف أنه بعد اكتشاف الأمريكيتين زحف الإنجليز والفرنسيون وبعض الأوروبيين لغزو أمريكا الشمالية والاستيطان فيها، ثم تحرك الأسبان والبرتغاليون لاحتلال أمريكا الجنوبية ونهب خيراتها كذلك، وكان هذا في القرن السادس عشر. لكن ثروات الأمريكيتين بحاجة إلى أيدي عاملة، فما كان من الغزاة إلا غزو الساحل الغربي الإفريقي وأسر عشرات الآلاف من سكانه وحشرهم في السفن كالبهائم، ومن ثم بيعهم للإقطاعيين كعبيد للعمل في الحقول والمناجم. وفي القرن السادس عشر الميلادي تم جلب 642 ألف مسلم من أنجولا وحدها، وعندما شرعوا بممارسة عباداتهم من صلاة وقراءة للقرآن وغيرها من العبادات بدأ البرتغاليون أو (البرازيليون الجدد) حينها بالتضييق عليهم بل وبحملات التنصير.
حينها برز منهم رجل أعلن مقاومة ذلك الوضع البائس لبني جلدته، واسمه (زومبي)، فشرع في توعية الأفارقة هناك بهويتهم الإسلامية وبتجديد انتمائهم والتمسك بالمبادئ الإسلامية، فبدأت حملات المقاومة ضد المحتلين البرتغاليين فهزمت طلائع القوات البرتغالية الواحدة تلو الأخرى، وأعلن زومبي قيام (دولة البرازيل الإسلامية) هناك، وأخذت قواته في التوسع خصوصا في ولاية باهيا.
قرر على أثر ذلك إمبراطور البرتغال إرسال قواته البحرية المتقدمة آنذاك والتي احتلت أرجاء واسعة من العالم إلى البرازيل لوأد هذه الدولة الناشئة قبل أن تتوسع، فكان أن حوصر زومبي وقواته حتى قتلوا جميعاً وكان ذلك عام 1695م. لفتت هذه الشخصية الإفريقية انتباهي وهو الذي برز في بيئة واقعة تحت القمع والاستعباد، لتؤكد أنه يمكن استعباد الأجساد لكن استعباد الأرواح والعقول لا يمكن له الاستمرار طويلاً. أما البرازيليون من أصل إفريقي فقد نالوا حريتهم بعد تلك المعاناة والعبودية والمواطنة الكاملة بعد كفاح مرير، فساهموا وما زالوا يساهمون في نمو وتطور البرازيل. وأن أذكرهم فلا أنسى (الجوهرة السوداء) أسطورة كرة القدم (بيليه) والذي ما زال ملهم مواطنيه ولاعبي العالم أجمع بعبقريته وفلسفته الكروية القائمة على معاملة الكرة وكأنها جزء من الجسم، وأنها لعبة الفقراء، قبل أن يصلها التوحش الرأسمالي وشركات التكسب السريع وطغيان المال عليها بكل أسف. بيليه الذي وصل إلى وزارة الرياضة في فترة سابقة وكان بوسعه الترشح لرئاسة البرازيل لو أراد نظير شعبيته وحب البرازيليين بل والعالم له لتواضعه وروحه الرياضية الجميلة، إلى اللقاء.