الخلاصة:
تجوز الصلاة خلف النار بلا كراهة).
1 - في الصحيح عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى ترتفع، وإذا غاب حاجب الشمس فاخروا الصلاة حتى تغيب).
2 - وفي الصحيح أيضاً عن ابن عمر، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب، لا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها؛ فإنها تطلع بين قرنَي شيطان).
3 - وفي حديث عمرو بن عبسة (صلِّ صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع؛ فإنها تطلع بين قرني شيطان, وحينئذ يسجد لها الكفار, ثم صل فإن الصلاة مشهودة (محظورة) حتى يستقل الظل بالرمح, ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل).
ولهذا كره الإمام أحمد الصلاة خلف القنديل والسراج، كما كره الصلاة خلف النار؛ لأن في ذلك نوعًا من التشبه بمن يعبد النار. وأما تسجير النار في الدنيا فليس هو علة للنهي، وليس النهي منصباً عند تسجير أي نوع من النار في الدنيا.
ويشكل على هذا التعليل ما يأتي:
1 - أن قياس القنديل والسراج على النار قياس مع الفارق؛ وذلك لأن السراج والقنديل والمدفئة ونحوها لا تسمى ناراً في اللغة ولا في الشرع، وإن كانت تؤدي إلى حرارة أو نار، ولكن ليست ناراً. والقاعدة: العبرة بالمنظور لا بالمنتظر.
2 - أن الكراهة في التشبه فيما عبد من دون الله تعالى، من أجل كونها أمام المصلي، أو من أجل وقت صلاة الذي عبد من دون الله تعالى من قِبل المشركين، الظاهر الثاني؛ ولهذا النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها يشمل من لم تكن بين يديه.
3 - أن النهي عن التشبه بالمشركين فيما هو من خصائصهم في عاداتهم وعباداتهم أقل أحواله التحريم؛ لحديث (من تشبه بقوم فهو منهم)، فما الذي صرفه من التحريم إلى الكراهة.
4 - يشكل عليهم أيضاً أنه يكره الصلاة خلف الشجر والمدر والحجر والبقر، وكل ما كان من جنس ما عبد من دون الله تعالى قياساً على النار، وهذا غير صحيح.
وبناء على ذلك يتبيّن رجحان جواز الصلاة خلف النار والمدفئة ونحوها بلا كراهة. والعلم عند الله تعالى.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة بجامعة أم القرى - مكة المكرمة