د.بكري معتوق عساس
الوسيلة الوحيدة لطهي الأطعمة في مكةَ قديماً هي الطريقة البدائية باستخدام الحطب بعد اشعاله بالنار، وبإجماع العلماء عرف الإنسان الطبخ قبل 400 سنة، وتأكد ذلك باكتشاف حفر تحتوي على الحطب المحروق مختلط بعظام الحيوانات في بعض مناطق من الشرق الأوسط وافريقيا. ومهنة الطبخ من أقدم المهن المكية، وقديماً كانت حفلات الزواج تقام في منزل صاحب الدعوة، فلم يكن وقتها صالات أفراح، فيقوم الطباخون بإعداد الطعام إما في الدولاب -المكان المخصص للطبخ- أو يجهز الطباخ أواني الطبخ ويذهب بها لمنزل صاحب الوليمة. والاكلات المكية التي اشتهر بها طهاة مكة، هي: السليق، والكابلي، والبرياني، والمدني، والزروبيان، والرز وبالحمص، والرز البخاري. ومن أشهر من امتهن الطبخ في حي المسفلة بمكة قديماً: المعلم (عبد الحميد الأبيض) وهو نقيب الطباخين وقتها وكان له دولاب في شارع إبراهيم الخليل، وأمامه كان دولاب العم (جميل باوارث) ودولاب الأجرب الشهير بـ(ملك السليق) بالقرب من البازان، وفي شارع حمزة بن عبد المطلب يقع دولاب المعلم (محمد إلياس)، ثم المعلم (مستور) ودولابه بجوار الدبلول. في زقاق باجابر في شارع إبراهيم الخليل كان دولاب (عمر كادوا) وفي (خريق البنقالة)، كانت دواليب كل من: (إبراهيم فتيني) و(عبد الرزاق نعمة) و(محمد كنسارة) و(أحمد بليلة) و(صديق خان) الشهير بـ(لبخة) و(عمر زمزمي) و(عمر حلواني). وكان البعض منهم يشتهر بطبخ أنواع من الوجبات مثل (صديق كرني) و(سعيد منشى) اشتهروا بعمل الحلويات في المناسبات. المعلم (بكر شرطة) دولابه بالقرب من البير المالح وشهرته في طبخ البرياني، أما العم (بكر سادة) فكان في دحلة الرشد وليس له دولاب ويشتهر بطبخ الرز بالحمص، والعم (أحمد طباخ) وشهرته بعمل السليق الأكلة المشهورة في منطقة الحجاز. المعلم (أبو مروان)، دولابه في أبو طبنجة ويشتهر بطبخ الكابلي. دولاب العم (إبراهيم باني) في شارع الهرساني وكان يشتهر بطبخ أغلب الوجبات. في منطقة الكدوة دولاب (عدنان العدني)، وفي الكنكارية دولاب العم (بخيت المولد). وكانت المنافسة بين الطباخين في ذلك الزمن جداً شريفة فتجدهم يساعدون بعضهم البعض في أوقات الازمات، والملفت أن أغلبهم من الجيل القديم الذي امتهن هذه المهنة، ولم نعد نشاهد أبناء مكة يعملون في هذه المهنة، فكثيراً منهم توقف دولابه عن العمل إما نتيجةً لوفاته، أو لعدم القدرة للعمل نتيجةً لتقدمهم في السن.