عبدالمحسن بن علي المطلق
الكتاب وبعض من أوجاعه، وكما شكت اللغة يومًا على لسان حافظ ودّها (حافظ إبراهيم) على منوال ما اختطّ.. أملي.
أعرف أن هناك من يمتعض لما يلفاه الكتاب اليوم من إهمال.. هذا (على قدره بين أمم الأرض قاطبة)!
فحسبه أنه هو الوحيد الذي يشتقّ منه العلم...
لكن العزاء الذي يخفف توجّد أهله على ما بلغه بعصرنا أنه:
قد مرّ عليه (الكتاب) ما كاد يطمثه، ولا أقول يُودي بحظّه..! بخاصة في مطلع القرن المنصرم، كالصحافة فما تلاها من المذياع والتلفزيون، لكنه بقي متماسك القدر؛ لأنه لا سبيل لنهل العلم (الموثوق) سواه
فحسبه أنه المصدر الوحيد لاغتراف المعارف، فمهما بلغت التقنية (والأدوات الاجتماعية) اليوم هي من مخرجات التقنية.. أعني مهما يسّرت تلكم في تلقي المعلومة فحسب الأدوات أنها لا تعدو فقاعة (صابون)؛ عما قليل تقشعُ، وينفض عنها السامر..
كما أن ما ذُكر من سلبيات (تلقي المعلومة منها) ما يجعلها لا تحرّك في همّة طالب العلم إلا وجهًا (لإيجاز) صواب قد يعين - حتى لا نبخس وزنها - مما وجد من شاردة وقع عليها هنا أو هناك حتى تداول العوام دُعابة (إذا ما طُرح سؤال) على وجه التحدي شرطًا:
من دون سؤال العم «قوقل».
وأما البحوث والمعطيات التي عليها يُبنى القول، وإليه يسند الرأي، فلا بد من مراجع (كتب وأسفار)، مع شرطية لا تخفى:
أن تكون تلكم موثوقة أخذًا للإجازة من أهل العلم
ومن استند إلى غيرها، فطرحه مطّرح (قد لا يلتفت إليه البتة)..
.. هذا، واستئناسًا لحظ الكتاب ببيت لمن خرجت بعهده الصحف، في ثناء معبق/
لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ
وَآيَةُ هَذا الزَمانِ الصُحُف
أمير الشعراء إبانها أحمد شوقي:
(أنا من بدل بالكتب الصحابا)
ومن قبل بـ(عودة سريعة) لألف عام سبقه، مما نجده من حُكم (... حِكم) المتنبي:
(وخير جليس في الزمان كتاب)
تجد الغرب - بالذات - وهم من صدّروا لنا هذه الأدوات وكأن قصدهم صدّنا وصرفنا عن أعز وجوه معارفنا (الكتاب). أقول نجدهم بكل أماكن الانتظار إلا وتلفى الكتاب بين يدي أحدهم، درجة أنك لو حادثته ولو بسؤال عابر لأجابك بإيجاز ضنًّا على وقته من أن يأخذه عما هو فيه منسدرًا.. لحديث معك!
فكم للوقت قدر لدى القوم يا بني أُمة نعتت بـ(اقرأ)..
ثم حسب الكتاب أنه وحده لاستشفاف العلم، وقد قيل (لا يؤخذ الشيء إلا من مصادره)، فهو هو لا غيره..!
هناك بلاغة أن يمدح المرء تمثيلاً به؛ لأنه لا يوجد مماثل يقاس به، قال تعالى (و كذلك جعلناكم أمة وسطا)، أي مثل الذي أنتم عليه، فضرب لكم بكم مثالاً.
والإمام أحمد حين أراد وصف الخليفة المنصور قال: (وأبو جعفر أبو جعفر).
.. أقول بهذا ليس استسلامًا بل حقيقةً مسلّمةً - لا شية فيها -.. حتى وإن تعرّض (الكتاب) لبعض ما يمكن أن يصرف عنه في فترات، لكن لا غنى عنه وإن أجزل من تحمّس لتلك الأدوات فأجزل..
لأن المرجع لتلقي المعارف حصرًا به، وقصرًا إليه،
وحتى أولئك الذين أخذهم زخم الدنيا (أقصد قبل بث هذه الأدوات) تحمسوا بالانشغال إثر تلكم المستجدات فترة، ثم عادوا - والعود أحمد - بطواعيتهم إليه؛ والدليل أنه حتى من بعينه رمد عن تبصّر المشهد إلا ويقرّ لما يلفاه الكتاب بمعارضه عبر أرجاء العالم وما يُحتوى من رعاية مباشرة من قادة الدول التي تُقام بها تلك المعارض (مع) المتابعة الإعلامية الزخمة لتلكم الاحتفالات عدا ما تلقاه من حفاوة علية القوم، وبمشاركة غالب متوسطيهم إلا وجهًا مجليًا عن جلال هذا العطاء (الكتاب)، وكشاهد ناصع لا يحتاج نهار (من يُشاهده) لدليل.