د. محمد بن حميد الثقفي
تشكل الهوية الوطنية أهمية قصوى لمواطني أي دولة؛ ذلك أنها الرباط الوثيق الذي يجمع قلوب وأبدان مواطني الدولة نحوها، وتجعلهم يتحدون جميعاً في تحقيق أهدافها الاستراتيجية والتنفيذية، ويقدمون أرواحهم دفاعاً عنها.
وتزداد أهمية الهوية الوطنية السعودية لدى مواطنيها، ذلك أن الدولة ومنذ نشأتها تعمل من أجل توفير الأمن والتنمية، وغايتها تحقيق الرخاء لمواطنيها، والوافدين إليها، وقد باتت دولة محورية عالمياً، وعلى مستوى العالم الإسلامي، والعربي، ودول مجلس التعاون الخليجي، وهي قيمة مستحقة، تبعث على الفخر والاعتزاز لكل مواطنيها ومحبيها.
وتبرز أهميتها في كونها الحلقة التي يلتف حولها جميع مواطني المملكة تحت قيادتهم السياسية، ويقدمون لها الولاء والطاعة، وأنها الوقود الذي يجعل منهم جبالا شامخات كجبل طويق، مثلما أشار سمو ولي العهد- يحفظه الله- في تحقيق التنمية المستدامة والمستهدفة وتنفيذ خططها واستراتيجياتها.
كما تكمن أهميتها بأنها أحد عناصر المقوم الاجتماعي الذي هو من أبرز مقومات الأمن الوطني، وتتعلق بأفراد المجتمع الذين يعول عليهم كثيرا في تحقيق برامج التنمية والدفاع عن الوطن؛ وذلك لكونه رأس المال البشري، والمستهدفون والفاعلون في البناء والتشييد.
وللهوية الوطنية في المملكة عدد من العناصر التي تتكامل فيما بينها لتحدد الشخصية السعودية، ومن أبرزها: المعتقد الديني، والاقتصاد الوارف، واللغة العربية، والعرق العربي، والتركيبة الاجتماعية المتماسكة، والموقع الجغرافي المتميز، والتاريخ المشترك، والعادات والتقاليد النبيلة، والولاء للقيادة السياسية، والتراث الوطني العميق، والزي الوطني، والعلم والنشيد الوطني، إضافة لوثيقة الجنسية السعودية، وجواز السفر.
ومن الطبيعي أنه قد تتعرض الهوية الوطنية السعودية كغيرها من أي من الهويات المحيطة لعدد من المهددات، ومن أبرزها: العولمة بكافة أبعادها، والصراعات الفكرية والمذهبية المحيطة، والتهديدات السياسية والأمنية العالمية والمحيطة، والوضع الاقتصادي، والاستهداف الإعلامي الخارجي، ناهيك عن الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي.
وهناك مجالات عديدة لغرس وتعزيز الهوية الوطنية السعودية، وحمايتها من أي مهددات، من أبرزها: برامج الرؤية 2030، وبشكل مباشر الهدف المتمثل في تعزيز الهوية الوطنية، وبرنامج الشخصية السعودية، وكذلك وسائل الإعلام وما يمكن أن تقوم به في تعزيز مكونات الهوية داخلياً وخارجياً، إضافة إلى الأنشطة الترفيهية، والمناسبات الوطنية، سواء الأعياد الدينية، أو اليوم الوطني.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن هناك عددا من الأساليب لزيادة تحقيق عناصر الهوية الوطنية وحمايتها من المهددات، وهي البرامج والمبادرات والمشروعات التي يمكن القيام بها في هذا المجال، ومن أبرزها: التركيز على تعزيز أهم عناصر الهوية الوطنية السعودية، وتحييد أبرز الأضرار التي قد تهددها، وأن يشترك فيها العديد من مؤسسات المجتمع وأفراده، وأخيراً تحفيز الجامعات ومراكز البحوث والباحثين على إعداد دراسات تحليلية واستشرافية معمقة حول معزازات الهوية الوطنية ومهدداتها الحالية والمستقبلية.
ولكل منا إمكانية أن نتصوّر ماذا لو تم الاضطلاع بهذه الأساليب في إطار تعزيز الهوية الوطنية، وما هي مآلات الوحدة الوطنية لمواطني ومحبي المملكة العربية السعودية، وما هي صلابة الجبل الذي سيتكئ عليه المواطن السعودي في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية وبرامجها ومبادراتها التنفيذية.
وأحسب أن زيادة التركيز والعمل في هذا الإطار سيمكّن من تحقيق وتفعيل جميع عناصر الهوية الوطنية، وسينجم عن ذلك مزيد من المخرجات المستدامة في مجال تعزيز المواطنة الإيجابية، وزيادة الانتماء والولاء، والمحافظة على المكتسبات الوطنية التي يتم العمل على توفيرها وتنميتها، والأهم العمل الجاد على زيادة استثمارها، وحمايتها من أي من المهددات.