سهوب بغدادي
«عزيزي ولي الأمر، كن بالقرب من أطفالك عند استخدامهم الألعاب الإلكترونية، واختر الألعاب المناسبة لأعمارهم لحمايتهم من المخاطر المحتملة، مثل تعلم السلوك العدواني والتعرض للمحتوى غير الأخلاقي والوقوع ضحية للجرائم الإلكترونية».
نص من رسالة وصلت لأغلبية الأشخاص من أحد الكيانات الفعالة قبل أيام، وكان رد فعلي التعجب فقط لأسباب عديدة من أبرزها وفقا لترتيب الرسالة، «كن بالقرب من أطفالك» كيف يستطيع الآباء أن يكونوا على مقربة من أطفالهم خلال هذه الفترة الاستثنائية، في الوقت الذي أصبحت فيه التوصيات الطبية بتقليل وقت الشاشة والتعرض لها أمر من نسج الخيال، نتيجة اعتماد التعليم الإلكتروني عوضاً عن التقليدي، مما تسبب في زيادة وقت الشاشة إلى أكثر من الضعف أو ما يزيد في أغلب الحالات. فضلاً عن فقرة اختيار المحتوى واللعبة وما يتعرض له الأطفال أمر أكثر تعقيداً، لأمور نفسية نتيجة تداعيات الجائحة النفسية على أطفالنا، ومعطيات متعلقة بوقت الآباء وتواجدهم خارج المنزل بسبب العمل، أو ما شابه.
أشعر أن أطفالنا أصبحوا أكثر انطواء على أنفسهم، بل يستمتعون بالعزلة ويفضلونها على الخروج وعمل أنشطة خارج المنزل، فقد نلمس تنميتهم ظاهرة الرهاب الاجتماعي، والشخصية الانطوائية -حفظهم الله من كل سوء-. نتيجة للجائحة أصبح للأطفال سلطة تقنية على أنفسهم بخلاف الماضي. فيما يعد السلوك العدواني أمرا مكتسبا كما نصت الرسالة، ولكنه أيضا سلوك ينمو نتيجة التعرض للمحتويات المتعددة التي تفوق طاقة الطفل والأشخاص جميعهم على حد سواء. أما بالنسبة للجرائم الإلكترونية فإن الموضوع أكبر من رسالة، عندما شهدنا خلال الفترة القريبة الماضية العديد من البشاعات الإلكترونية والتجاوزات من قبل الأطفال والقصر أنفسهم، مثل التنمر والتحرش ببعضهم البعض، علاوة على المحتوى غير الهادف والخادش للحياء من التطبيقات التي تروج للمقالب الخطرة، والتقليعات «الترند» الفارغة، الرقصات غير المفهومة.
أرى أن التطبيق ذاته غير ملائم خاصة في هذه الفترة، فلا رقابة أو أشد من ذلك يفيد في هذه الحالة، سوى بحجب التطبيق والألعاب والقنوات المتعارف عليها والمتفق على سلبيتها من الجميع بواسطة السلطات. في حين يتعرض الأطفال لمحتوى مفتوح على منصات خاصة بالفيديو، فكان هنالك منصة وليدة تابعة لها مختصة بالأطفال وتقنين المحتوى الذي يتعرضون له، مع إمكانية مراقبة الآباء لنشاطهم التقني، إلا أنها سرعان ما تم حجبها في المملكة، وأصبحت حصراً لبعض الدول الخارجية. استخدام الأطفال ورقابتهم مسؤولية ولكنها تتجاوز دور المنزل ورقابة الكبار عليهم، فهي مسؤولية المجتمع بمعرفة ما ينفعهم ونبذ ما يضرهم، ومسؤولية الجهات المعنية بالمحتوى والجرائم الإلكترونية بإيجاد عقوبات بينة ورادعة فيما يتعلق بجرائم الأطفال والقصر وبث التوعية التي تتوافق مع أعمارهم وطرق التصرف مع الممارسات الخاطئة ومع التعريف بماهيتها بالتأكيد.
أيضاً، المسارعة بالتدخل الفعال بحجب كل المحتويات السلبية والمواد التي تتسم بالضرر أكثر من نفعها.