بعد الرضا بقضاء الله وقدره وبالموت الذي قدره المولى سبحانه على كل حي والقائل {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} فإنني أشارك اخواننا من أسرة العطني في مصابهم بفقدان أحد رجالات أسرتهم الكريمة عبدالله الناصر العطني بعد معاناة طويلة مع المرض، نسأل الله الكريم أن يجعل ما أصابه مكفراً لذنوبه وخطاياه وأن يتغمده بواسع رحمته وأن يجازيه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً ولوالدينا وجميع موتى المسلمين الذين امنوا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورسولاً وماتوا على ذلك. وهذه حال الدنيا تجمع وتفرق الأهل والخلان والأقارب والجيران والبقاء والخلود لخالق الوجود وحده القائل {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} الذي نسأله أن يلهم أهله وأبناؤه وجميع أقاربه ومعارفه وعموم أسرة حرب وحليفها مزينة الصبر والاحتساب على فراق الأقارب والأحباب وأن يكتب للجميع ما أعده للصابرين بقوله {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، مذكراً أهله وأبناءه بأهمية الترحم والدعاء له حتى لا ينقطع عمله الصالح بوفاته أخذاً من قول المصطفى عليه الصلاة والسلام (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وذكر أو ولد صالح يدعو له)
حفظ الله الجميع بحفظه ولا أراهم أي مكروه في عزيز عليهم. أما الموت فسنة الله في خلقه أجمعين يستوي في ذلك الحاكم والمحكوم والصغير والكبير والغني والفقير. يقول الشاعر المجيدل:
الله من غالي وغالي لنا مات
اليوم وينه ما بقى له بقايا
لو عشت بالدنيا سنين طويلات
مالك عن اسهوم المنايا نجايا
حكمه ولي العرش رب السموات
قدر بدايات البشر والنهايا
والإنسان بطبيعته يحب الحياة ويكره الموت..
خرجنا إليها كارهين فلما
الفناها خرجنا مكرهينا
ومصداق ذلك كله في قوله تعالى {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} عظم الله أجر أهل الفقيد وأبنائه على فقد عميد أسرتهم ومؤنس وحشتهم ومكثر قلتهم- أجزل الله لهم الأجر والمثوبة ولكل من شارك في الصلاة على الفقيد واتبع جنازته وقام على قبره يدعو له ومن شارك في رثائه بقصد الوفاء له وتعزية المصابين بفقده.
والرثاء بهذه الصفة خلق حميد تحلى به بعض المشائخ في رثاء بعضهم وها هو الشيخ براهيم الضويان يرثي أحد مشايخه بقصيدة منها:
سأبكي بكاء المشكلات لشجوها
وأرسل دمعا كان في الجفن آنيا
فضائله لا يحصر النظم عدها
ويقصر عنها كل من كان راثيا
وثلمته يا صاح من ذا يسدها
ونجم توارى بعد ما كان باديا
تغمد الله المتقدمين والمتأخرين بواسع رحمته..
** **
محمد الحزاب الغفيلي - الرس