رمضان جريدي العنزي
السعادة ليست ذهباً ولا مجوهرات، ولا رصيداً مهولا من المال، لا بيوتا فارهة، ولا قصورا ضخمة عامرة، لا مركبات حديثة، ولا إكسسوارات نادرة، لا سياحة دائمة، ولا سفر مستمرا، لا ترفيها ولا تسلية، لا أزياء حديثة، ولا ماركات غالية، ولا موائد عامرة بما لذ وطاب من أصناف الطعام والشراب، ولا كثيرا من الخدم والحشم والعقارات، السعادة حب، إن وجد الحب وجدت السعادة، الكثير من الفقراء المعدومين الذين يسطلون بنيران الفقر والعوز والحاجة والفاقة يتمتعون بلون من السكينة الروحية والألفة الأسرية والتلاحم والانسجام واللمة والضحكة والنكتة الذي يفتقدها كثيراً من أصحاب الثروات الهائلة، الذي يشكو بعضهم من الهم والغم والضجر والوحدة والاكتئاب، أن الذي يسكن بيتأَ صغيراً، أو خربوشاً متهالكاً، قد يكون أكثر سعادة وهناء، من الذي يسكن قصراً منيفاً به حديقة غناء ونافورة ماء، أن السر في سعادة الإنسان هو الاقتناع التام فيما بين يديه، ودرجة إيمانه ويقينه، أن السعادة نتاج عدد من العوامل التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الموازنة العاقلة بين الجوانب الروحية والمادية، والرضا والحمد والقناعة، أن السعادة ليست بمقدار ما يملكه الإنسان من مال وثروة فحسب، بل مقدار ما يستمتع بما يملكه وينفقه، السعادة أن تعيش الواقع بكل تفاصيلة بعيداً عن الوهم والتخيل وادعاء المثالية الزائفة، والأنانية والتفرد، والذات والنرجسية، والتبذير والإسراف والبطر، السعادة فعل إيجابي يتبناه الإنسان ويعمل به لكي يحيا به ووفقه، أن المشكلات والهموم والمصائب والابتلاءات والمعاقات والصدمات هي سنة الحياة، ولا تتوقف الحياة عند أي منهم أبداً، بل هي الوقود والدافع للوصول للأهداف والمبتغيات المفضية للسعادة، أن السعادة جنة الأحلام، ومنتهى الآمال، ينشدها الناس، ويتمناها الأنام، أن أصل السعادة هي في الإيمان بالله وتقواه ومراقبته وخشيته وحمده وشكره في السراء والضراء، وحسن المعاملة مع الناس خلقاً وسلوكاً، والتفاعل معهم ومشاركتهم مساعدتهم ومساندتهم والإحساس بهم، من عمل ذلك عاش سعيداً، منشرح الصدر، مطمئن القلب، ساكن الجوارح.