محمد وارد الرويلي
قبل أيام قدم منسق فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات إدموند فيتون براون تقرير فريقه إلى مجلس الأمن الدولي بشأن تنظيمَي داعش والقاعدة. يقترح التقرير أنه خلال النصف الثاني من عام 2020 أظهرت التطورات داخل تنظيم داعش درجة عالية من الاستمرارية عن الاتجاهات الظاهرة في وقت سابق من العام, في حين يواجه تنظيم القاعدة تحديًا جديدًا وملحًّا، يتعلق بقيادته وتوجهه الاستراتيجي، بعد فترة استثنائية من الاستنزاف لكبار قادته في مختلف المواقع.
يؤكد التقرير أن فيروس كورونا لا يزال عاملاً مؤثرًا على التهديد الذي يشكله تنظيما داعش والقاعدة. فبخصوص مناطق الصراع استمر التهديد في الارتفاع؛ لأن الوباء يعوق قوة القانون والنظام أكثر من النشاط الإرهابي. فبسبب استمرار انخفاض التنقل بسبب الجائحة، وفرض قيود السفر وعمليات الإغلاق, فإنه من الصعب على أعضاء داعش السفر بسهولة, والاجتماع, والعمل على جمع الأموال، أو العمل بأي طريقة أخرى في المناطق الآمنة غير الخاضعة للنزاع؛ ما يشكل صعوبات معقدة يواجهها داعش. ويمكن القول كذلك بالنسبة للقاعدة في شن هجمات عالية التأثير. لكن بشكل عام, يحاول داعش إعادة الأنظار إليه من خلال تكثيف حملته الإعلامية، وأنه مع تخفيف القيود في مواقع مختلفة قد تحدث سلسلة من الهجمات المخطط لها سابقًا. بينما في المناطق الأخرى الخالية من الصراع فإن التهديد لا يزال منخفضًا نسبيًّا على الرغم من سلسلة الهجمات التي وقعت في أوروبا، التي أظهرت مرونة الجماعات المتطرفة التي تقوت من خلال الدعاية على الإنترنت وبرامج فض الاشتباك غير الفعالة.
ومن المرجح أن يتصاعد التهديد على المدى الطويل في كل مكان بسبب النتائج الناجمة عن الجائحة من خسائر اقتصادية وسياسية، فضلاً عن تفاقم الدوافع الكامنة وراء التطرف العنيف، وتأثيره المتوقع على جهود مكافحة الإرهاب.
يشير التقرير أيضًا إلى أن سوريا والعراق لا تزالان تشكلان المنطقة المركزية لتنظيم داعش, كما لا تزال منطقة إدلب السورية تشكل مصدر قلق بسبب احتضانها منتسبين ينتمون للقاعدة مع عدم الجزم بوضوح أي نشاط لداعش في تلك المنطقة. كما أنه ليس هناك ما يشير إلى أن تنظيم داعش سيتمكن من العودة بقوة إلى مرحلة الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها في الأجلين القصير والمتوسط، على الرغم من أن التنظيم سيستغل بالتأكيد قدرته على البقاء في منطقة تتسم بفرص احتمال تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار.
وعلى الرغم من استمرار مخاوف الدول بشأن إساءة استخدام الإرهابيين للتكنولوجيا وتوظيفها في دعايتهم، ولاسيما في ميادين التمويل والأسلحة ووسائل التواصل الاجتماعي، فإنه يصعب القول إن تنظيمَي داعش والقاعدة قد أحرزا تقدمًا كبيرًا في هذا الصدد في أواخر عام 2020.
بعد هذا العرض يمكن القول إن تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديدًا إعلاميًّا وأيديولوجيا بسبب سعيه الحثيث إلى إعادة نفسه للحلبة، فضلاً عن القول إنه يشكل تهديدًا عسكريًّا نظرًا لما يمتلكه من موارد بشرية ومالية، تصل إلى نحو 100 مليون دولار.
وإذا فكرنا بحال مقاتلي وأتباع التنظيم المتوقع وجودهم في الشرق الأوسط، خاصة أن التنظيم لا يزال يحافظ على وجود سري إلى حد كبير في العراق وسوريا, يمكن التنبؤ بهجوم جماعي أو فردي خلال الفترة القادمة.