حمد بن عبدالله القاضي
لا نستطيع أن ندرك مدى التطور الهائل كمَّاً وكيفاً وتنوُّعاً بمنظومة التعليم العالي إلا إذا عدنا للماضي، حيث لم يكن لدينا سوى كليتين للشريعة والتربية بمكة المكرمة ثم بعدها جامعة يتيمة بالرياض.
الآن لدينا أكثر من 50 جامعة حكومية عامة ومتخصصة وجامعات أهلية ومستشفيات ومدن طبية جامعية وعشرات الكليات والمراكز والمعاهد، بعضها بمدن جامعية وبعضها بمجمعات ومبان حديثة، وكلها من حكومية وأهلية مطبَّق فيها أعلى المعايير الأكاديمية والاعتمادات، فضلاً عن توافر مبانيها وكل ما تحتاجه من قاعات وأجهزة.
* * *
وأقف عند كليات الطب التي تحتاج أكثر من غيرها إلى مبان متميزة وأجهزة دقيقة ومستشفيات تابعة لها أو قريبة منها لتكون مخرجاتها عالية المستوى، وهذا نراه بأطبائنا الذين تخرجوا من جامعاتنا.
* * *
والأهم هنا أن الذي صنع النجاح هو الإنسان السعودي فيها سواء بوزارة التعليم أو بإدارة الجامعات والتدريس أو الإعادة أو منسوبي العاملين فيها وتحت قيادات إدارية وطنية تتولى رئاسة كل جامعة.
* * *
لقد كنت ذات عام بزيارة لدولة عربية للمشاركة في ندوة ثقافية، وكان من ضمن البرنامج زيارة جامعتين إحداهما حكومية، وحين رؤيتنا للحكومية وجدناها لا تقارن بأصغر جامعة من جامعاتنا بمبانيها وقاعاتها.
أما الجامعة الأهلية التي زرناها فهي أشبه بمدرسة ثانوية كأنها مدرسة ثانوية كبيرة.
* * *
إن تطور التعليم الجامعي لم يكتب تاريخه بعد وهو بتقديري أحد أهم الإنجازات بالوطن، وبخاصة أنه توجه لبناء الإنسان الذي لا يقارن بناؤه بتشييد المكان.
وقد بدأت مسيرة هذا التعليم منذ عهد الملك سعود وفي عهد كل ملك من الراحلين تم إضافة منجزات كبيرة عدداً وانتشاراً وإمكانات، والآن بعهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان دخلت الجامعات مرحلة انطلاقة جديدة بعد تطبيق نظام الجامعات الجديد الذي سيحقق - بإذن الله - لها المزيد من المكتسبات والصلاحيات والمأسسة لتنضم إلى نادي الجامعات العالمية المعروفة.
* * *
وقد استطاع الوزراء الذين تولوا مسؤولية التعليم الجامعي أن يواكبوا تطلعات ولاة الأمر وطموحات المواطنين بالانتشار والتطوير، بدءاً من الوزراء الذين تولوا وزارة التعليم العالي: الشيخ حسن آل الشيخ ثم د. عبد العزيز الخويطر - رحمهما الله - ثم د. خالد العنقري.
ثم بعد ضمها لوزارة التعليم بذل وزراؤها كل حسب جهده ومدته جهودهم للإضافة لهذه المسيرة الجامعية، والآن يتولى الإشراف عليها وزير التعليم رئيس مجلس شؤون الجامعات د. حمد آل الشيخ منطلقا بها لآفاق جديدة تتناغم مع الرؤية ومنظومة التنمية وسوق العمل، من خلال إشراف مجلس الجامعات عليها وتطبيق النظام الجديد لمزيد من الاستقلالية والتحول المؤسسي وغيرها، وقد بدأت التجربة الآن بتطبيق النظام بثلاث جامعات.
* * *
لقد رأينا ثمار هذا الدعم والعطاء والتطوير بمخرجاتها من علماء وأطباء ومهندسين وإداريين وشرعيين وتقنييِّن ومعلمين وأعضاء هيئات تدريس بالجامعات الذين انتشروا بمفاصل الوطن ومؤسساته يحركون تروس تنميته.
وبعد
لقد كان خلف هذا المستوى المتطوِّر والانتشار الواسع: قيادة واعية من أبناء الوطن من وزراء ونُوَّاب وعمداء وأعضاء هيئة تدريس وإداريي ومنسوبي الجامعات.
* * *
ترنيمة للوطن
«أراك فجراً تسرّيني نسائمه
وصوت حبّ يفيض الدفء مذ نطقا
- للشاعر سعد البواردي