إبراهيم بن سعد الماجد
تهفو النفوس البشرية إلى الأمان: الأمان النفسي، والأمان المعيشي، والأمان الاجتماعي بصوره وأشكاله كافة، وتضرب من أجل ذلك أكباد الإبل -كما يقال-. فمنهم من يتحقق له جزء من ذلك، ومنهم من ينقضي عمره وهو في نكد وخوف ووجل.
هذا في الحياة الدنيا، فكيف بالأمان في الآخرة؟
من أجل أمان الدنيا وأمان الآخرة شرع الله لنا شرائع دينه، وأنار لنا سبيله، وأرسل لنا رسله، وختمهم بخيرهم، نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وجعله -عليه الصلاة والسلام- صمام الأمان لمن تبعه، وتمسك بسنته {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. وأنت فيهم كما هو الحسي، فهو المعنوي كذلك، أي في أنفسهم اقتداءً ومنهج حياة.
الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود، أمير الكلمة الهادفة، وصاحب المصنفات المتعددة، أصدر قبل أيام كتابًا عنونه بعنوان هذه المقالة (الأمان الأول)، قال في مقدمته: «فإن الحديث عن خير البشر نبينا محمد حديث تترقبه الأسماع، وتهفو إليه القلوب والعقول، وتحنو إليه النفوس، ولا تكله ولا تمّله.. كيف لا! وهو أكرم الخلق على ربه، شرف الله قدره على سائر الخلائق، وبعثه رحمة للناس كافة بشيرًا ونذيرًا، وأرسله الله ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، أدبه ربه فأحسن تأديبه، زكاه ربنا في كتابه العزيز فقال {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4) وقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (التوبة: 128)؛ فهو أعظم رجل عرفته البشرية، وآخر وخير الرسل قاطبة. كان محمد مثلاً كاملاً للإنسان الكامل، ذا شخصية قوية جذابة، لا يدانيه أحد في كماله وعظمته، وصدقه وأمانته، وزهده وعفته».
ويقول: «وقد اجتهدت في جمع وإعداد المادة العلمية لهذا الكتاب رغبةً مني في المساهمة ولو باليسير في نشر جزء من سيرته العطرة التي جعلها الله نبراساً يهتدي به الحيارى، ومصباحاً أخرج به ربنا الناس من ظلمات الجهل والشرك إلى نور العبادة والتوحيد؛ حتى يكون الناس على بصيرة من أمرهم في معرفة بعض فضائل نبينا الكريم وأخلاقه وخُلقه الشريف، ورحمته وهديه، وماَ تفضّل به ربنا على سائر الأنبياء والبشر، وأن أؤدي ولو جزءًا يسيرًا من واجبي تجاه نبينا الكريم في تعريف النشء وعموم المسلمين بجوانب عطرة من سيرته، وتقريبها إليهم. وقد اعتمدت في عرض تلك المادة على البساطة والتسهيل التي تعين القارئ على معرفة سيرة نبينا بعيدًا عن المؤلفات والكتابات الضخمة التي تحتاج إلى جهد ووقت كبير في قراءتها في ظل عصر كثرت فيه الأشغال، وفترت فيه القوى، وضاعت فيه الهمم إلا ما رحم ربي. راجياً من الله أن يتقبلها خالصة لوجهه سبحانه، وأن يجعل هذا العمل شافعاً يوم يسقينا المصطفى شربة من حوضه لا نظمأ بعدها».
ولعل المتصفح لهذا المؤلف يلحظ فيه أنه جاء بأسلوب قريب لفهم الجميع، معتمداً على ما اتفق على صحته، سالكاً طريق إيصال الفكرة أو المعلومة دون إسهاب ممل، أو تقصير مخل؛ وهو ما يجعل قراءته للكبير والصغير ميسورة سهلة.
قلت: لعل وزارة التعليم تقره كمادة لا صفية على جميع مراحل التعليم العام.