عبد الاله بن سعود السعدون
يزداد الترحيب الشعبي في المجتمع العراقي بكل تحرك خليجي رياضياً كان كما تبين في مظاهر الترحيب والضيافة الأخوية العالية بالوفد الرياضي الكويتي في البصرة وعلوا الهتافات المعبرة عن فرحة أبناء العراق كافة بأي تقارب خليجي عراقي وكانت المباراة الودية بين الكويت والعراق على أرض البصرة الفيحاء تظاهرة خليجية شعارها الأخوة المتأصله بين شعوب الخليج العربي وأشقائهم في العراق وترجمة بصورة فعلية نجاح الدبلوماسية الشعبية الرياضية لترمم ما أفسدته السياسة.. وتتعاقبها زيارة وفد مجلس التعاون الخليجي برئاسة الأمين العام الدكتور نايف بن فلاح الحجرف إلى بغداد تلبية لدعوة أخوية من القيادة السياسية في بغداد، وكان الترحيب المقرون بالآمال العريضة عالياً في مجالات التعاون العراقي الخليجي والتباحث في ملفات عديدة تم تحضيرها وعلى رأسها الربط الكهربائي بين دول الخليج العربي والعراق ولم يكن من المصادفات التي سجلها التاريخ السياسي في صفحات العلاقات الجيو سياسية بين العراق منذ تأسيسه ودول مجلس التعاون الخليجي قبل تأسيسه وبعدها في تبادل الزيارات الرسمية بين هذه المجموعة العربية المتجانسة مع الشعب العراقي الشقيق جغرافياً ودينياً وشعوبها تنتمي لأنساب قبلية واحدة وتنطق بلغة الضاد المشتركة بل رسمت العلاقات الموروثة بأحرف الخير والمودة وصلات القربى بين هذه الشعوب المتجاورة الشقيقة..
وشهدت بلد الرشيد استقبالاً رسمياً وشعبياً عفوياً بوفد مجلس التعاون الخليجي فاكتظت به شوارع العاصمة العراقية للترحيب بأخوتهم مندوبي الخليج العربي من مسقط حتى الكويت وبتحية من القلب لا تصنع فيها تمثل الأخوة العربية الأصيلة والتي تحظى بالحب والاحترام من أهل العراق بكل نسيجه الاجتماعي وتم استقبالهم من قبل رئيس الجمهورية العراقية الأستاذ برهم صالح ورئيس مجلس النواب الأستاذ محمد الحلبوسي ورئيس مجلس الوزراء الأستاذ مصطفى الكاظمي ووزير الخارجية الأستاذ فؤاد حسين وقد تم الاجتماع بالسفراء الخليجيين المعتمدين لدى بغداد واطلاعهم على نتائج هذه الزيارة المباركة.
فالعلاقات الخليجية العراقية عميقة الجذور تشمل كل مراحل تاريخه السياسي الزاهر حتى إعلان تأسيس مملكة العراق عام 1921م واستمرت العلاقة الأخوية المتجذرة بين شعب العراق وشعوب الخليج العربي بالمحبة والإخاء والقربى و ممتدة بجذورها لتشكل علاقة الأشقاء بين الشعب العراقي بكل نسيجه الاجتماعي وإخوانهم أبناء الجوار الخليجي العربي بصورة حية للعمق الاستراتيجي لكليهما، وبالتالي للأمن العربي القومي في هذه الفترة الصعبة التي يعيشها وطننا العربي إقليمياً ودولياً..
وتتزامن هذه الزيارة التاريخية والأمة العربية بل المنطقة الاقليمية التي نعيش على أرضها بحالة صعبة من الفوضى الأمنية في العديد من أجزائها وسيطرة المليشيات المنفلتة الإرهابية تحرق الأخضر واليابس في وطننا العربي الممزق والذي يعيش أبناؤه حالة من الخوف والقلق وذل الهجرة القسري في وطنه ومحيطه الإقليمي بعد حريق اللهيب العربي الذي كان الأداة السامة لتخريب وطننا العربي، ويقضي على الأمن والاستقرار وإيقاف عجلة التنمية الاقتصادية بل تحويل كل منجز حضاري إلى خربة موحشة، ففي اليمن يعبث الحوثيون بأمن واستقرار البلاد بسرقة السلطة من الشرعية، وتتمرد بشنها حرباً وحشية على أبناء الشعب اليمني الشقيق، وبتحريض النظام الإيراني الذي يمده بالصواريخ والطائرات المسيرة لتهدد شعب المملكة العربية السعودية وتعريض سلمه المجتمعي بالخطر والرعب وبنفس الدور الإجرامي هناك عصابات داعش الإرهابية في ليبيا والعراق، وجيش الدكتاتورية العسكرية المسنود من الحرس الثوري الإيراني ليغتال شعب سوريا العربي الثائر على نظامه المتسلط، وهنا يبرز الدور الخليجي الموحد- ولله الحمد- بعد قمة صباح وقابوس في علا الخير السعودية لإيجاد رافعة قومية لإزالة أنقاض هذه الحروب الأهلية التي تراكمت بعد ما يُسمى باللهيب العربي لتُشكّل سلسلة متقدمة من الملفات السياسية والاقتصادية الهامة والعمل على تنشيط المنح والاستثمارات التي قدمها المانحون في مؤتمرهم في دولة الكويت، وكذلك الاستثمارات الاقتصادية الثنائية بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي والوصول لصيغة جدية وهامة في محاربة وحصار إرهاب عصابات داعش ومثيلاتها من المنظمات والأحزاب المسلحة التي تدين بولائها وعمالتها للخارج وليحقق الدور الخليجي والعراقي اليوم بداية لمرحلة التكامل الاقتصادي و الترميم العمراني للكيان العربي الذي تعرض للتصدع بفعل هجمات الإرهاب الداعشي المبرمج في جسم الوطن العربي..
وسيكون التعاون السياسي والاقتصادي ووحدة القرار وتنشيط التبادل التجاري بفتح المنافذ الحدودية أمام البضائع والمنتجات بين دول الخليج العربي والعراق هو السمة المميزة لنتائج هذه الزيارة الخليجية التي كانت منتظرة إلى بغداد من صميم العمل المشترك والمنبثق عن الاتفاقات في إطار الشراكة الأستراتيجية بين مجلس التعاون والعراق بما يخدم الدور التاريخي للعراق وانتمائه لمحيطه العربي، وليُشكّل هذا التعاون والتكامل المنتظر قوةً مضافة للأمن القومي العربي أمام التهديدات الإقليمية والدولية.
ولتفتح هذه الزيارة المباركة عهداً جديداً في علاقات أخوية متينة مبنية على الثقة والاحترام والتعاون المشترك لما فيه خير الشعبين الشقيقين العراقي والعربي الخليجي وإعادة اللحمة للوطن العربي الذي يحتاج في يومه هذا لكل جهد عربي مشترك من أجل استتباب الأمن والسلام والتنمية لربوعه القلقة.