الحياة دنيا متقلبة متغيرة، وفتن وتمحيص بين عسر ويسر، سعادة وفرح، وحزن وأتراح، نجاح ورسوب، وفشل ليل مظلم ساكن ونهار مشمش ساطع، فهي الدنيا كذا، وهذه طبيعتها وأقدارها لا شيء يدوم فيها على حال أبداً مهما حاولنا وحاولنا حتى ولو عضينا بالنواجذ، التغير مستمر، والواقع لايدوم، والماضي ذاهب، والمستقبل قادم، واليوم ساعات لا تتوقف ثوانيها ودقائقها والأمس أمسى بمسائه وأحداثه وذكرياته، واليوم حاضر بواقعه وتفاصيله وروحه وساعاته وأحداثه وأماكنه.
نعم هي الدنيا كذا شمس تشرق وشمس تغيب سنة تأتي وسنة تنتهي، مولود يولد وصغير يكبر، ويعمل ويتزوج ويرزق وحي يموت، ومريض يشفى، والسليم يكون عليلا وصاحب الهم سيفرح همه يوماً ما، ويسعد سعادة من حيث يدري ولا يدري، فبعد العسر يسر، وبعد الحاجة والدين قضاء وانقضاء، فبعد المطر ربيع واخضرار، وبعد الربيع جدب واصفرار، ورياح تذهب بالأخضر واليابس.
نعم هي الدنيا كذلك صناعة وروح، وحياة وولادة وعمل وموت، وبعدها من فوق وعلى الأرض إلى تحتها وفي قبرها وباطنها حيث أسرار الجسد، ونعيمه وشفاؤه وحسابه والصراط والجنة والبعد عن النار وشرها وأشرارها وعذابها.
نعم هي الدنيا كذا وكدا فانية زائلة بكبرها وحجمها وجبالها وأرضها وسمائها وخلقها، اعتبر من اعتبر وغرته من أغرته بهوائها وشيطانها وإغراءاتها المختلفة التي تغير المجنون إلى عاقل والعاقل إلى مجنون وأعمى.
فهل ندرك ونؤمن بمتغيراتها وأحداثها وإجراءاتها وماجرى ويجري وصار وما كان وسيكون وما حدث وسيحدث ونتفق ونتوافق ولانختلف على اختلافاتها وجديدها وقديمها وحاضرها وأمسها ومستقبلها، وذلك حتى نعيش بأمن وأمان ونفوس مطمئنة وراضية ومرضية وعايشة ومتعايشة مع كل الأعمال والاختلافات والهوايات والاهتمامات والتجديد والتغًير والتغير والفروق الفردية في العقول والألوان، وذلك حتى نصل بسلام ونفوس مطمئنة إلى دار القرار الحياة الدائمة متخلصين بأمان وسلام من حياة الدنيا الفانية الفاتنة.