تشير الجريمة البشرية الإلكترونية إلى الأنشطة الجرمية المربحة التي يتورط فيها استخدام الحواسيب والشبكات، بغض النظر عن مستوى هذا التورط (المصدر، الهدف، الوسائل ...).
إنّ تقدير الأثر الاقتصادي لهذا النوع من الجرائم ليس مهمة سهلة، لأن الهجمات المشار إليها لا تشكل إلا القسم الظاهر من الجبل الجليدي الذي لا تظهر منه فوق الماء سوى قمته.
وفي الواقع نحن متفقون على الاعتقاد أن ثلث الضحايا فقط هم الذين يتقدمون بالشكاوى للشرطة، غير أن التقديرات المختلفة تعطي فكرة كافية عن اتساع هذا النشاط اليوم.
لذا، ترى فاليري ماك نيفن، المستشارة المسؤولة عن الإجرام البشري الإلكتروني لدى الحكومة الأمريكية، في العام 2006 ما يلي: (الأرباح السنوية التي يجنيها الإجرام البشري الإلكتروني قد ترتفع إلى 105 مليارات دولار، وقد تفوق بذلك الأرباح السنوية لتهريب المخدرات).
وتضيف قائلة وعلاوة على ذلك، فإنّ الاحتيال المرتبط ببطاقات الائتمان قد يكلف 400 مليون دولار كل سنة، وهجمات الفيروس قد تكلف نحو 12 مليار دولار. والمكاسب التي تضيع على المشاريع جراء البراءات والماركات المسجلة المسروقة قد ترتفع قيمتها إلى 250 مليار دولار في كل سنة، أي 5% من مجمل التجارة العالمية.
يمكن لهذه الأرقام جميعاً أن تصيب عدداً كبيراً منا بالدوار.
إنّ قراصنة المعلوماتية (الأنفورماتيك) يعيشون في عالم خاص بهم، له رموزه وقواعده المشتركة، وحتى طبقاته. وإذا كانت لدى هؤلاء المجرمين رؤية متعددة الأشكال لنشاطهم، فإنهم حساسون ومدركون للتسلسل في الزعامات الذي يحكم أوساطهم. ويمكن أن نميز منهم أربعة أصناف:
(المرمِّزون): وهم المبرمجون. ويعتمدون على أنفسهم في التعلم، هم مهنيون، وهم يكبرون من خلال خبرة (الهاكرز) الأعلى منهم بخبرة تزيد عليهم خمس سنوات. وهم يضعون معارفهم تحت تصرف القراصنة الآخرين، ويمكنهم ابتكار أدوات جاهزة للاستخدام تتيح التسلل إلى حاسوب ما أو تحول دون الانكشاف من خلال الفيروسات المضادة للبرنامج المعادي.
الـ (كيدز): (أو الأطفال) وهم الأقرباء الفقراء للقراصنة. وهم اليد العاملة حقاً في هذا المجال.
(المافيا): حتى إن لم يكن لدينا إلا القليل من البراهين، فالمافيا موجودة في الإجرام البشري الإلكتروني. ومثل هذه الإيرادات التي لا تتعرض إلا لأخطار بسيطة جداً، فهي تشد انتباه شبكات المافيا. ومما يؤسف له أن تقدير مدى تورط المافيا في هذا المجال ليس بالأمر السهل.
الـ (دروبس): وهم، نوعا ما، كالصناديق البريدية للمشاريع الوهمية، ودورهم أساسي في هذه الطائفة، فهم يأخذون الأموال المسروقة المفترضة ويحولونها إلى نقود معدنية أو ذهبية.
إن ملاحقة الإجرام البشري الإلكتروني يبدو ممكناً تقنياً، لكنه يثير أيضاً مشكلة أخلاقية.
في الواقع، في العالم الافتراضي الذي يتطور بسرعة واضحة، وغير متوقعة منذ الثمانينات، وضمن بقعة غير محدودة، يجب على المناضلين ضد الإجرام البشري الإلكتروني سبر جميع الميادين والإمكانات، ولاسيما أنه عليهم التمتع بالعبقرية والإبداع الخلاق بشكل يفوق مثيليهما لدى القراصنة، وإلا فإنّ القراصنة يوشكون أن يمسكوا بزمام اللعبة.