محمد سليمان العنقري
العشرة أعوام القادمة تحمل معها توجهات رؤية المملكة نحو تنمية مستدامة وتنفذ من خلال برامج عديدة تستهدف العديد من القطاعات الاقتصادية ذات الميز النسبية بالاقتصاد الوطني، ولعل ما أعلن عنه مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة حول استراتيجيته الاستثمارية بالأعوام الخمس القادمة أحد أبرز الخطط التنفيذية لبرامج الرؤية حيث يستهدف خلالها ثلاثة عشر قطاعاً وسيضخ ما لا يقل عن 150 مليار ريال سنوياً وهو ما يعني توليد عدد ضخم من الوظائف وبما أن ملف التوطين يعد من أولويات الخطط الاقتصادية الممكنة لتحقيق أحد الأهداف الاستراتيجية بتوليد فرص العمل واستيعاب الداخلين لسوق العمل والعاطلين، أيضاً فإن بحث استراتيجية توطين خاصة للمرحلة القادمة ولبعض القطاعات المستهدفة يعد عاملا مهما في إصلاح سوق العمل ويدعم جهود وزارة الموارد البشرية في دورها بملف التوطين ومعالجة البطالة على المدى البعيد. فجهود الوزارة في التوطين وتنظيم سوق العمل قطعت شوطاً كبيراً لمعالجة التشوهات القائمة بالسوق المتراكمة منذ سنوات طويلة، وليس من السهل تحقيق التوطين في القطاعات التي تستحوذ على جزء كبير من العمالة بشكل عام، إلا أنه عند النظر للقطاعات الجديدة نسبياً بالاقتصاد التي سيتم التركيز على التوسع فيها كالسياحة والترفيه والخدمات اللوجستية والتعدين وغيرها ممن يعد تمثيلها بالاقتصاد ضعيفاً وستشهد ضخاً استثمارياً كبيراً ليرتفع تأثيرها بالناتج المحلي فإن وضع خطة للتوطين خاصة بهذه القطاعات حتى لا تتكرر المشكلة بالقطاعات التي تعد من الأضخم بالاقتصاد ويعمل فيها عدد كبير من العاملين من مواطنين ووافدين فبما أن هذه القطاعات تعد محدودة الحجم حاليا وسيجري التوسع بها على مدى سنوات طويلة فإن إعداد خطة للتوطين تستهدف تحقيق نسبة كبيرةً كما هو الحال بقطاع البنوك أو الطاقة الذي يعد التوطين فيهما مرتفع جداً سيؤدي لبناء قطاعات تعتمد على المواطنين بتشغيلها ليمثلوا نسبا مرتفعة بما لا يقل عن 70 بالمائة على أقل تقدير عند اكتمال منظومة مشاريعها وأعمالها. فالتخطيط لزيادة التوطين بالقطاعات الجديدة لا يقتصر على دور لوزارة الموارد البشرية إنما أيضا للجامعات والكليات التقنية والمهنية الدور الأهم لإعداد الكوادر البشرية للتخصصات المطلوبة إضافة لأدوار بقية الجهات المعنية بالشأن التنموي وقد يرى بعض المستثمرين الجدد أو من سيتوسعون بأعمالهم بهذه القطاعات إه لن يستطيع تحقيق النسب المطلوبة، فمثل هذه الأعذار ستساعد بتكرار الإشكاليات السابقة بتوطين القطاعات مما يتطلب فرض نسب توطين مرتفعة من بدايات عمل هذه المنشآت بالتعاون مع الجهات التدريبية والتأهيلية وفق خطة ممنهجة مما سيساعد على سرعة تحقيق تنظيم وإصلاح سوق العمل وفق الأهداف المرصودة فتنفيذ خطط توطين واسعة في قطاعات جديدة سيبقى أسهل بكثير من القطاعات الناضجة والكبيرة بالاقتصاد ويمكن المساعدة على تحقيق هدف التوطين الموسع بهذه القطاعات من خلال دعم صندوق هدف ودور صندوق الاستثمارات بدعم النسب العالية للتوطين مع بقية الجهات التنظيمية والإشرافية والمساندة لهذا الملف الاقتصادي المهم. التوطين الموسع في قطاعات جديدة قد يكون داعماً للتسريع برفع نسبة المشاركين من المواطنين بالاقتصاد وسوق العمل وعامل مهم بخفض البطالة واستيعاب الأعداد الجديدة من الكوادر الوطنية القادمة للسوق سنوياً وأيضا عاملاً مساعداً لإعادة هيكلة التوجه لاختصاصات مطلوبة لهذه القطاعات مما يرفع من كفاءة الاستثمار برأس المال البشري الوطني ويدعم التنمية الاقتصادية.