رمضان جريدي العنزي
نفع الناس والسعي في قضاء حوائجهم على قدر الاستطاعة عمل جليل وقدير وأجره عظيم، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى}، وقال صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي في حاجة؛ أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد)، وقال أيضاً عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس)، إن الإنسان الذي ينفع الناس، أو يسدي لهم معروفاً، أو يدفع عنهم مضرة، أو يمشي معهم في حل مشكلة، أو يؤلف بين قلوبهم، يعد من أشرف عباد الله وأحبهم إليه، إن نفع الناس، ومشاركتهم همومهم وأفراحهم وأحزانهم، والتخفيف من آلامهم ومصائبهم، له من أنقى الأعمال وأجلها، أفضلها وأحسنها، إن نفع الناس من سمات العظماء، وصاحب النفع يذكره الناس بالتبجيل والتقدير، إن الرجال لا يحكم عليهم من خلال ملامح أجسادهم، قصرهم أو طولهم، نحفهم أو سمنهم، وسامتهم أو قبحهم، وإنما يحكم عليهم من خلال ما يحملونه من مبادئ وقيم وأفعال نافعة، وما يبذلونه من تضحيات للناس، وما يؤدونه من رسالة إنسانية خالدة، إن قلوب هؤلاء قدت من حرير، لهذا نجدهم يعيشون الإنسانية كاملة، وصدورهم عامرة بالحب، إنهم كبار لذا نجد همومهم تجاه الناس كبيرة، إنهم مشاريع إنسانية تتحرك على الأرض بفعالية وتفانٍ وإخلاص، لا لتبني مجداً شخصياً، أو تنشئ سلالم شخصية نفعية ترتقي بها، بل لتروي ظمأ الإنسانية بالخير والمساعدة والإيثار، إن السلوك الإنساني الباهر الذي يطوق أعناق هؤلاء يجعلهم محبوبين ومقبولين، وأن أخلاقهم الزاهية مثل روض أخضر يبعث في النفس البهجة والسرور، إنهم ينبضون بالمروءة ومكارم الأخلاق، والترفع عن الإساءة، ومناقبهم فريدة، نهجهم وضاء، ويعمرون الحياة بالأدب الرفيع، والخلق المنيع، والمروءات العابقة بشذا الإيمان وحب الناس، إن سيرتهم النقية ضخمة في العطاء والبر والإحسان، إن الحياة مع البذل والعطاء والتضحيات، يعني الخلاص من العذابات والمعاناة، إن الرجال هم الذين يعملون من أجل الحياة والإنسانية، وليسوا المتشرنقين حول ذواتهم ومصالحهم، اللاهين وراء عواطفهم الباردة، والراكضين خلف بريقها المزيف، والذين لا يعملون من أجل الوطن والمجتمع، إن الرجال هم أصحاب المواقف البطوية، وحملة المبادئ، وفرسان البذل والعطاء، والمهتمين بأخيهم الإنسان، إن هؤلاء هم صفوة العصر، وهم نقاء النقاء، وهم بياض البياض، إن هؤلاء صنف من الناس يبتعدون عن الضوء، لكن الضوء لا يبتعد عنهم، إنهم شديدو النكران لذواتهم، وهبهم الله عقولاً راجحة، ونفوساً صافية، وضمائر نقية، ما عندهم انتفاخ ذاتي، ولا تعلق بالمظاهر الزائفة، متواضعون بسمو، وشخصياتهم أصيلة، إيمانهم بالله عميق، ونفوسهم تغمرها الطمأنينة والسكينة، إن فقدان الوسامة والجمال لا يقدح في الرجال، ولا يطفف من شأنهم، ولا يقلل من هيبتهم، لكن النزعات الإنسانية والإنفاقات الحقيقة في وجوه البر والإحسان ومشاركة الناس ومعايشتهم وحل مشاكلهم وقضاياهم، هي من ترفع مكانتهم، وتعلي من شانهم، إن الأناني المتفرد الشحيح الذي لا يهتم سوى بنفسه ومصالحه ومكاسبه لا ينفعه ذلك ولن تجد له قبولاً عند الناس ولا ذكراً، إن بلادنا موطن الكرام النجباء، ومنجم الطيبين النبلاء، لذا نراه ممتلئاً بهؤلاء الرجال من الذين اشتهر بالنبل والبذل والعطاء والشهامة والأريحية، حتى أصبحوا متألقين في سماء المكارم، مثل نجوم في ليلة صافية.