رقية سليمان الهويريني
برغم أن مجلس الوزراء عام 2003 ألزم وزارة العدل بإقرار المدونة القضائية ونشر أحكامها؛ إلا أن الوزارة أشارت إلى أن تدوين فقه الأسرة سيكتب على شكل مواد متخصصة بالقضايا الأسرية ولن تكون ملزمة للقضاة، بما يعني أنها مساعدة للقاضي في حال احتاج إليها بدلاً من البحث أو الرجوع للكتب الفقهية!
ومنذ ذلك الحين وقبله كان يقع بعض الظلم على فئة من المتهمين بسبب الآراء الخاصة لكل قاض وإيقاع عقوبات مختلفة لجريمة أو جناية واحدة بحسب الرأي الفقهي للقاضي! حتى أصدر أخيرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان منظومة التشريعات المتخصصة الجديدة المتعلقة بالمعاملات المدنية، والأحوال الشخصية، والعقوبات التعزيرية، والإثبات.
وهو ما يشير إلى حرص القيادة على تعزيز مدنية الدولة بما يسهم في زيادة الموثوقية في الإجراءات النظامية والقضائية وتحسين آليات الرقابة عليها، وبإشراف مباشر من ولي العهد، في إطار منظومة الإصلاحات التي تبنتها «رؤية 2030»، لرفع كفاءة الأنظمة وتعزيز الحقوق وتحسين جودة الحياة وتعزيز النزاهة والارتقاء بالخدمات وحماية حقوق الإنسان.
إن تقنين القضاء ضرورة لا شكل ولا ترف، فهو سيمكن الجميع من التمتع بالحقوق المدنية ويرسخ مبادئ الشفافية ويقيم العدل ويعزز الثقة بالسلطتين القضائية والتنفيذية، بما يتواكب مع احتياجات المجتمع وتطلعاته ومتطلبات العصر ويحد من الإطالة في نظر القضايا ويخفف الجهد على ناظري القضية، ويختصر الوقت، وسيعزز من مكانة الأسرة في السعودية، ويُنَظم الأحكام المتعلقة بالوصية، والتركة، والإرث، وسيسهم بلا شك في إثبات الحقوق في المعاملات المدنية والتجارية، ما سينعكس إيجاباً على ضمان سلامة واستقرار تعاملات الأفراد وبيئة الأعمال، على حدٍ سواء، كما أنه سيؤدي إلى رفع كفاءة الأجهزة العدلية، ويعزز النزاهة، ويكافح الفساد ويفضي لحماية حقوق الإنسان، ويوقف مسائل الاجتهاد أو التعاطف التي تلصق ببعض القضاة حين يرون وقوع الضرر فلا يجرون العدل الذي أمر به الله ويليق بوظيفتهم.