سلمان بن محمد العُمري
من القضايا العالقة في الذهن قبل خمسة وأربعين عاماً ومع بداية الطفرة العقارية ونزول الأحياء الجديدة ما حدث بين جارين من قضية امتدت بين الإمارة والشرطة والبلدية، وذلك حينما قام أحد الجيران بوضع (بقرة) في منزله الجديد أسوة بما كان معمولاً به في سالف الأيام، حينما كانت بعض البهائم تربى في المنازل ليستفيد أصحابها من حليبها وألبانها ومشتقاتها، وانتهت الشكوى بكسب صاحب الدعوى القضية وإلزام صاحب البقرة بنقلها من منزله لما تخلفه من روائح وتجمع للذباب وغير ذلك من الأذى.
تذكرت هذه القصة وماجرى فيها، وأنا أستمع إلى معاناة أحد الزملاء من أذية طالته وطالت جيرانه الآخرين من ظاهرة بدأت تغزو مجتمعنا بل وأصبحت مألوفة في بعض الأحيان، ألا وهي (تربية الكلاب) بأشكالها وأحجامها المختلفة، ويقول صاحبنا إن أصواتها لا تنقطع ليلاً ولانهاراً، وهذا غير التجول بها داخل الحي من قبل أصحابها ترفيهاً لها أو مباهاة بها.
ومع المخاطر الصحية لتربية الكلاب وغيرها داخل المنازل فهناك محاذير شرعية، فلا يجوز تربية الكلاب إلا لثلاث للصيد وحراسة الماشية وللحرث، وقد قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-:» من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان، كما أن في تربية الكلاب وغيرها من الحيوانات أذية لأهل البيت ومجاوريهم، فهي وسيلة للنجاسة وتقذير الأماكن، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بغسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب، فمن لم يرتدع شرعاً ولم يحذر صحياً فهو مجحف في حقه وفي حق أهل بيته وجيرانه، والواجب السلامة منها إلا لمن احتاج إليها في الأبواب المشروعة، وأما التقليد الأعمى فهذا لا يجوز، وكم فيه من الخطر والضرر.
من مظاهر العناية بالكلاب وغيرها والاهتمام بها ما نراه اليوم من انتشار المحلات الخاصة بلوازم الحيوانات في غالب الأحياء، وما نشاهده من تخصيص ممرات وأرفف خاصة في «السوبر ماركت» لأطعمة الحيوانات الخاصة وللوازمها ومنها تصفيف الشعر وتقليم الأظافر وغيرها، وهو ما يؤكد تنامي هذه العادة الدخيلة على مجتمعنا المسلم.
إن المسؤولية لا تقع على الشباب والشابات المراهقين إنها مسؤولية ولي الأمر والأم وألا يسمحوا لأفراد أسرتهم تربية هذه الكلاب داخل منازلهم، وألا تغلبهم العواطف وهوس التقليد في الإذن بهذه داخل منازلهم، ألم يعلموا أن البيت الذي فيه كلب لا تدخله الملائكة، ولربما دخلته الشياطين والعياذ بالله، فمن يريد حرمان بيته وأهله من الرحمات ويتسبب عليهم بالشر والويلات.
وعوداً على مدخل الحديث ترى لو أن أحد الجيران رفع دعوى على جاره الذي طلب منه أن يكف أذاه بنباح الكلب وما يسببه من ترويع وإزعاج فإلى أين يتجه، وهل ستقبل دعواه، أظن أن هذا الكلب أولى بالإبعاد من (بقرة أبي علي) فقد أبعدت عن بيته قسراً رغم أنه كان يردد: «البيت اللي ما به بقرة ما به ثمرة».
أسال الله أن يحفظنا وإياكم من كل سوء ومكروه، وأن يبعد عنا وعنكم كل شر وسوء.