لم أكن أتخيّل أن الحرف الذي عشقته في روحي يسري مع شراييني، يلتقط كل أفراحي وأحزاني يهذبّني، يتسامر معي كالقمر، يواسيني، يمتلكني حتّى يصل إلى سُدّة منتهى فَمِي، يأمرني بحبٍ أن أكتبه على الورق عطرا، وعلى شاشة هاتفي شهدا..
سيأتي عليه اليوم الذي تتفوّق عليه الريشة!
في مناسبة ثقافية تشكلية بأدبي نجران حضرتُ وأحسب أن بضاعتي الكلام وسوقها الكتابة، استغربت، اندهشت، تمالكتُ روحي، حين رأيتُ كل وسائل الإعلام يأخذون أحاديث من الفنانين أنغام، نوره الحمود.. وأنا أنظر إليهم بحسرة وغبطة يمرّ الإعلامي عبدالله الشهري وفي يده لاقط، كتب عليه mbc من جانبي، وابتسامته تسبقه لا يعرفني قلت: وربي وكرامة حرفي لن أطلب منه أن يجري معي لقاء، لكن بخبثٍ صحافي أخبرته أني أكتب متشرّفا في المجلة الثقافية بصحيفة الجزيرة ومحررا ثقافيا بصحيفة المدينة.. ابتسم، ومضى يجري اللقاءات مع هؤلاء الفنانات الذين يملؤون المكان ريشة وصوتا، هنا جلست أفكّر ما سبب هذا الاهتمام بهن وإبداعهن؟!
سألت شابا لطيفا أول مَنْ استقبلني وآخر من ودّعني عبلان آل عباس ابتسم في وجهي وقال: هؤلاء هنّ مبدعات #بارقة والذي يشرف عليه وينظمه أدبي نجران لكن للأسف تأجل المهرجان بعد وصول كل الضيوف لأجل سلامة الجميع طبعا، وعلى فكرة يا صاحب الملامح هؤلاء الفنانات كفيفات!
سمعتُ كلمة كفيفات من هنا فهزّتني الكلمة فتساقط من وجنتي الدمع إعجاباً، اقتربت من بعضهن، وجدت الفن بالريشة على لوحاتهن أجمل من الحرف الذي نكتبه، أبهى من السطر الذي نعشقه، أنقى من الجُمَل التي نضعها، أغزر من قصيدة بلهاء مدحا..
أشياء كثيرة جعلتني وحرفي ننزوي قليلا لتأخذ الريشة صدر الكلام وآخر الغرام!
نجران ابتسامة أهلها، عطر ضحكاتهم، ثقافة اهتماماتهم، تاريخ آثارهم كالأخدود مثلا وتلك النقوش التي يحكيها ويحيكها بجمال محمد آل هتيله شرحا وتاريخا وحضارة ومعرفة، وذلك الحصان والأفعى نقشت على حجارتها، تلك الحديقة الواسعة الوارفة الظلال، غير جمال مبنى النادي الأدبي بنجران وكأني أرى تلك النقوش حاضرة في جدرانه، لوحاته، قاعاته مسارا للكفيف في سُلّم الصعود والنزول داخل النادي، مسرح فيه هوية منطقة، وإبداع وطن...
وأنا أناظر رئيس أدبي نجران سفيرها الثقافي سعيد آل مرضمه مبتسما العجيب والغريب أن الكل هنا في نجران مبتسم زمانا مكانا سكّانا، وهو يشرح لنا أهمية مبنى النادي أقسامه غُرَفَه عندها عرفت أن حرفي لا يزال يختبّى ببن شفتين كاد أن ينطق مصفّقا!
انتهت الزيارة وقلبي تركته أمانة عند أهل نجران الثقافة والسياحة والأدب والابتسامة وسآخذه حتما من عبلان الكادي والريحان وسعيد آل مرضمه ابن الشهيد البهي العاشق لمنطقته نجران ولوطنه الذي تراه بين ضلوعه ساكتا داخل قلبه يشاهده الجميع عبر عيونهم الخضراء.
سطر وفاصلة
صباحي حين يتهادى بين يدي الفجر، وتلك المسافات الغرقى في روحي، تسبح متنهدة في متاهات الهموم، تشرق في تباشير الفرح مهندمة كالعروس، مهذّبة كالطاووس، حالمة حين تتساوى الرؤوس!
عندها يصبح صباحي بين صباحين أولهما نور وآخرهما نور
صباح الفل ومساؤه، على كل من قرأ ملامحي.
** **
- علي الزهراني (السعلي)