هنا حيثُ أنفاسُ الأغاريدِ تزهرُ
سأمضي ولحنُ الرُّوحِ كالعشبِ أخضرُ
لتمتدَّ بي «فيفا» أساطيرَ جنَّةٍ
إلى ما وراء العشقِ، والضوءُ ينظرُ
على سفحها المخضرِّ عانقتُ بهجتي
حروفاً بألوانِ المحبَّة تَقْطُرُ
وجالستُ أحلامَ النجومِ مشاتلاً
على السفحِ تغشاها المياهُ فَتَكْبُرُ
تُوَشِّي لحونُ الرَّاعياتِ صباحَها
تُدَغْدِغُ إحساسَ المساءِ فَيُقْمِرُ
وتكشفُ للزّوار ساقاً وغيمُها
على الماءِ صرحٌ كي تقول لنا اعْبُرُوا
أناجيك يا عطرَ المسافاتِ يا هوى
بكلِّ لغاتِ الكونِ يُتْلَى ويُذَكَرُ
إذا معجزاتُ الأرضِ سبعٌ تفرّقت
أراها جميعاً فيكِ، من ذا سَيُنْكِرُ؟
جموعاً فراشاتُ المجازاتِ بي عَلَتْ
أزاهيرَكِ الأشهى وصوتي مُصَوَّرُ
إذا نمتُ غطَّتني بعطرٍ فراشةٌ
وإن غابَ نومي كلّما فيكِ يسهرُ
لَبِسْتُ كما تَهْوِينَ للمجدِ مِئْزَراً
قميصاً وفي نصفي حزامٌ وخنجرُ
وتوّجْتُ رأسي من زهورِكِ رافعاً
إلى الشمسِ تاريخاً به الفخر يفخرُ
أرى كاتبي التاريخِ لمّا دعوتِهِمْ
إليكِ اندهاشاً في السفوحِ تسمّروا
وضاقت فضاءاتُ الكلامِ ببعض ما
رأتْهُ أياديهم لديك ِفَأُبْهِروا
فإن تُعجِزِي التاريخَ للشعرِ جولةٌ
بها من حشاكِ البكرِ يوماً سَيَظْفَرُ
وهل رقّتِ الحسناءُ إلا لشاعرٍ
رقيقٍ إذا ذاقت أغانيه تَسْكَرُ؟
فيا سائحاً طفتَ العوالمَ كلّها
إذا لم تزر «فيفا» يميناً ستخسرُ
لها من جمالِ الأرضِ نصفٌ كيوسفٍ
من النّاسِ للألبابِ تسبي وتأسرُ
فإن تُلْقِها في الجبِّ ألقت بدلوِهَا
قصائدُ مشتاقٍ له الحسن يَعْصِر
بلادٌ شذاها الغيمُ،عطرٌ سحابُها
ومنها الحصى والطينُ مسكٌ وعنبرُ
وكيف سأنساها وعقلي بحبِّهَا
تشبّعَ حتى قلتُ عنّي سينفِرُ؟
وكيف سينساها الزمانُ ونبضها
لأسمائها في جبهة الشمس يحفرُ؟
ووديانها منها النجومُ تعطّرتْ
وفوق جبين البدرِ كاذٍ و(مُشْقُرُ)
وداعاً وداعاً يا بلاداً وداعها
يهشّمُ أضلاعي، لقلبي يُكَسّرُ
سأرجعُ مجبوراً ومن ذا الذي رأى
جمالَكِ يا فيفا وعنه سيصبرُ؟
** **
- شعر/ إبراهيم جابر مدخلي