عندما يصلك نبأ وفاة شخص عزيز على قلبك، تشعر أن الدنيا «تلف وتدور» بك، وكأنك في حلم، خاصة إن كنت متواصلاً مع هذا الشخص ومتابعاً لحاله وأحواله، حتى قبل علمك بنبأ وفاته، والأخ الزميل صلاح مخارش (أبوالوليد)، كان نبأ وفاته مفاجئاً لكل من عرفه، فهو كان مغرداً عبر حسابه الشخصي في موقع التدوينات الصغيرة «تويتر»، قبل وفاته بساعات تعد على أصابع اليد الواحدة، ولكنها إرادة الله الغالبة ومشيئته النافذة.
والأخ الزميل صلاح مخارش عرفته منذ أكثر من عقدين من الزمن، وأتذكر أول لقاء جمعني به مع بعثة صحيفة الجزيرة، في أحد مواسم الحج على ما أذكر عام 1417 أو 1418، ووجدت نفسي أمام إنسان راق في أخلاقه وفي تعامله، وصاحب ابتسامة عفوية، ومع مرور الأيام التي تعززت من خلالها أواصر المودة والأخوة مع (أبوالوليد)، اكتشفت فيه عدة مزايا، أهمها أنه يحب الخير للجميع ولا يذكر أصدقاءه إلا بخير، وأن قلبه الذي دخل بسببه المستشفى قبل وفاته، يحمل الحب والمودة للجميع، وأكثر ما لمسته فيه، عدم حبه للغة الأنا، فهو على الرغم من مشواره الصحفي العريض الذي عاصر فيه عدة أجيال والتقائه بعمالقة الفن، إلا أنه يظهر إنسانا بسيطا ومتواضعا، لا يحب التباهي ولا يعرف لغة الأنا إطلاقا، كما أنه رحمة الله عليه، حتى بعد مغادرته صحيفة الجزيرة، وانتقاله إلى مدينة أبو ظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية الشقيقة، حيث المكان الذي كانت تبث منه قناة الغد المشرق الفضائية، التي تعد آخر محطاته العملية، كان يسأل عن زملائه، ويطل عليهم بين الحين والآخر كنسمة عبير، ويتلمس أحوالهم بطيبة قلبه الكبير.
وإن كان صلاح انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء، فإن سجاياه الحميدة ستظل عالقة في ذاكرة كل من عرفه، وسنظل كأصدقاء له نذكره بخير، وندعو له على الدوام بالرحمة والمغفرة.
رحم الله الأخ الزميل صلاح مخارش وأسكنه فسيح جناته، والعزاء موصول لأسرته وأبنائه، ولشقيقيه مراد وعبدالله مخارش.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.